كم مرة شعرتَ بالضياع؟ كم مرة وقفتَ أمام مرآة حياتك تتساءل عن هويتك، عن أهدافك، عن ما يُرضي روحك حقاً؟ نحن جميعاً نمرُّ بهذه اللحظات، تلك اللحظات التي نشعر فيها بأنّنا بعيدون عن أنفسنا، كأنّ هناك ضباباً كثيفاً يحجب رؤيتنا الواضحة. نحن كالسفن التي تُبحر في بحرٍ واسعٍ، نبحث عن بوصلةٍ تُرشدنا نحو شاطئٍ آمن، وهو شاطئ المعرفة الذاتية. ولكن، كيف نجد هذه البوصلة؟ كيف نُخرِج أنفسنا من هذا الضباب؟ رحلة المعرفة الذاتية ليست سهلة، بل هي رحلةٌ مليئة بالتحديات والاكتشافات، رحلةٌ تحتاجُ إلى صبرٍ وجُهدٍ، لكنها في النهاية رحلةٌ تستحقُ العناء. رحلةٌ تُكشفُ لنا عن جمالِ روحنا الحقيقي، وقدرتنا على بناء حياةٍ مُرضيةٍ وسعيدة.
تُشبهُ نفسَكَ لوحةً تُرسمُها قطراتٌ من المطرِ على زجاجٍ مُتسخٍ.
هذا التشبيه البديع يُلخّصُ بإيجازٍ رحلةَ المعرفةِ الذاتية. فلوحتُنا، أي أنفسنا، تُشبهُ زجاجاً مُتسخاً، متّسخاً بالخبرات السلبية، بالأفكار المسبقة، بالتوقعات المُفرطة، وبالأحكام المُسبقة على أنفسنا. قطرات المطر هي محاولاتنا المُتكررة لنَصل إلى أنفسنا، لمعرفةِ قيمنا، لمواهبنا، لأهدافنا الحقيقية. ولكن، يبقى الزجاجُ مُتسخاً، يُشوشُ رؤيتنا، ولا يُمكّنُنا من رؤيةِ اللوحةِ كاملةً بوضوح. ولذلك، يجب علينا أولاً تنظيفُ هذا الزجاج، التخلّصُ من الشوائب التي تُعيقُ رؤيتنا، وهذه تتطلّبُ الجُرأةَ على مواجهة أنفسنا، قبولَ عيوبنا، والتعلّمَ من أخطائنا. يجب علينا أن نُزيلَ طبقاتِ الألمِ والخيبةِ، كي نرى بوضوحٍ ما نرسمه.
عندما نبدأُ في تنظيف هذا الزجاج، أي العمل على فهم أنفسنا بشكلٍ أعمق، نبدأ بالتخلص من الأفكار السلبية والمقارنات الضارة مع الآخرين، ونُركز على نقاط قوتنا، ونُدرك قيمنا الشخصية. بالتدريج، تُصبحُ لوحتُنا أوضح، أكثر وضوحاً، أكثر جمالاً، تُظهرُ روحنا الحقيقية، شخصيتنا الفريدة. ولكن التنظيف عمليةٌ مُستمرة، تتطلبُ الصبرَ والإصرار.
في الختام، رحلةُ المعرفةِ الذاتية هي رحلةٌ لا تنتهي، رحلةٌ تحتاجُ إلى مُتابعةٍ ومُثابرة. فكّرْ في نفسكِ اليوم، ما هي الشوائب التي تُعيقُ رؤيتكَ لذاتك؟ ما هي قطراتُ المطرِ التي تُحاولُ رسمَ لوحتك؟ شاركْ أفكاركَ معنا، وانضمّ إلينا في هذه الرحلةِ المُلهِمةِ نحو اكتشافِ جمالِ أنفسنا. تذكّرْ أنَّ هذه الرحلةَ هي استثمارٌ في سعادتكِ و ازدهاركِ الشخصي، استثمارٌ لا يُضاهيه أي استثمارٍ آخر.
Photo by Birmingham Museums Trust on Unsplash