كم مرةٍ شعرتَ بأنّ السعادةَ شيءٌ بعيدٌ المنال؟ كأنّها حلمٌ جميلٌ يراودنا في لحظاتٍ معدودات، ثمّ يختفي سريعاً تاركاً وراءه شوقاً وحنيناً؟ نبحث عنها في الأشياء المادية، في العلاقات الاجتماعية، في الإنجازات المهنية، ونظنّ أنّ امتلاك هذه الأشياء سيُضفي على حياتنا بريقاً خاصاً، سعادةً دائمةً. لكنّ الحقيقة أعمقُ وأكثر تعقيداً من ذلك. فالسعادة ليست هدفاً نصل إليه في يومٍ ما، بل هي رحلةٌ طويلةٌ نتّبع فيها مساراً مختلفاً، رحلةٌ تتطلبُ منّا التأمل، والوعي، والتغيير أحياناً. رحلةٌ نكتشف فيها أنّ السعادةَ ليست في امتلاكِ شيءٍ ما، بل في تقديرِ ما نملك، وفي إيجادِ الجمالِ في التفاصيلِ الصغيرةِ من حياتنا اليومية.
تُشبهُ السعادةُ فراشةً، تهربُ من المُطارِد، وتُحلِّقُ نحوَ من يُحبُّها.
هذا القولُ يُجسّدُ بإيجازٍ جوهرَ السعادةِ، فهي كالفراشةِ الهشةِ، لا تستطيع أن تُمسكَ بسهولةٍ. من يُلاحقُها بشراهةٍ، يريدُ أن يَملكَها قسراً، سيُخيفها ويُبعدها عن نفسه. لكن من يَقبلُ وجودها كما هي، ويتمتّعُ بجمالها من بعيدٍ، يُلاحظُ أنّها تُحلّقُ بطبيعةِ الحال نحوَ من يُحبُّها. فالسعادةُ لا تَأتِي إلّا عندما نكونُ على طبيعتنا، وعندما نُحبّ أنفسنا أولاً، وعندما نُحيطُ أنفسنا بأشخاصٍ يُحبوننا ويُقدّروننا. فحاولوا أن تُغيّروا من نظرتكم إلى الحياة، وتَركّزوا على ما يملأُ قلوبكم بالمحبةِ والسلام.
لا يعني هذا أنّ علينا التخلي عن أهدافنا وطموحاتنا، بل يعني أن نُوازن بين سعيِنا إلى النجاحِ وبين إيجادِ الفرحِ في اللحظاتِ الصغيرة. فكّر مثلاً في الضحكةِ مع أحبائك، أو في جمالِ غروبِ الشمس، أو في إتمامِ مهمّةٍ كنتَ تُعاني منها. هذه هي اللحظاتُ التي تُشكلُ النسيجَ الجميلَ لحياةٍ سعيدةٍ.
لذا، دعونا نُعيدُ النظرَ في مفهومِ السعادةِ، ونُعيدُ التواصلَ مع أنفسنا ومع من يُحبوننا. شاركوني أفكاركم عن السعادة، وما هي اللحظاتُ التي تُشعرُكم بها. فالسعادةُ ليست هدفاً بعيدَ المنال، بل هي رحلةٌ جميلةٌ نُشاركُها معاً. تذكروا دائماً، أن السعادة كالفراشة، تهرب من المطاردة، وتحلّق نحو من يحبها. لذا، أحبوا أنفسكم، وحبّوا حياتكم، وستجدون السعادة تطير إليكم.
Photo by Filipe Esteves on Unsplash