كم من مرة شعرتَ بِألمٍ في قلبك، ليس ألمكَ أنتَ، بل ألم من حولك؟ كم مرّ بكَ موقفٌ رأيتَ فيه شخصاً يعاني، فأحسستَ بِثقلِ همّهِ على كاهلكَ، وكأنّهُ جزءٌ منك؟ هذه المشاعر الإنسانية الجميلة، هذه القدرة على مشاركة الآخرين مشاعرهم، هي جوهرُ التعاطف. في زحمةِ حياتنا اليومية السريعة، يُنسى أحياناً هذا الجانبُ المهمُّ من شخصيتنا، ونغرقُ في محيطِ شواغلنا الشخصية، ننسى أن نُطلّ على عالم الآخرين، ننسى أن نُشاركهم أحلامهم ومخاوفهم. لكنّ التعاطف ليسَ مجردَ شعورٍ عابر، بل هو قوةٌ دافعةٌ تُغيّرُ حياتنا وحياةَ من حولنا، وتُنشئُ جسورًا من الفهم والمحبة. إنه أساسٌ لكُلِّ علاقةٍ إنسانيةٍ صحيةٍ وواعدة.

تَشعُّرُ بِرَقصِ النَّجومِ فِي عَينَيْهِمْ.

يُعبّرُ هذا القولُ بِشاعريةٍ رائعةٍ عن عمقِ التعاطف. عندما نُعاني مع الآخرين، عندما نُشاركهم فرحهم وحزنهم، نرى في عيونهم لمحةً من الجمال الداخلي، جمالًا يتجاوزُ الماديات والظروف. نرى فيها قصصاً حقيقية، مُشاعرَ صادقة، رؤيةً للعالم من منظورٍ آخر. كأنّ النجومَ تَرْقصُ في عيونهم، تُضيءُ طريقَ الفهم والتواصل. فكر مثلاً في الأم التي تتعاطف مع طفلها المُصاب بالمرض، أو الصديق الذي يقف بجانب صديقه في وقت محنته. التعاطف هنا ليس مجرد كلام، بل هو حضور، هو استماع حقيقي، هو مشاركة صادقة تمنح الأمل والقوة.

التعاطف ليسَ ضعفاً، بل هو قوةٌ داخليةٌ، هي قدرةٌ على الوقوف بجانب الآخرين، فهمُ معاناتهم، وإعطاءُ الأمل والدعم. وهو أيضاً مفتاحٌ لتحسينِ علاقاتنا الاجتماعية، بناءِ ثقةٍ متبادلةٍ مع من حولنا، وخلقِ بيئةٍ أكثرَ سلاماً وتفهماً. التعاطف يُساعدنا على تخطي الخلافات، وتقبل الاختلاف، وبناء جسورِ التواصل بين الأفراد والمجتمعات.

لذا، دعونا نُعيدُ إحياءَ معنى التعاطف في حياتنا، لنُشاركَ مشاعرَ من حولنا، لنستمعَ إليهم، ولنُظهرَ لهمَ أننا نهتم. خذوا وقتًا للتفكير في مراتٍ شعرتم فيها بالتعاطف، وكيف أثرَ ذلك عليكم وعلى من تفاعلتم معهم. شاركونا خبراتكم وتجاربكم، فلنعزز معاً قيمَ التعاطف والمحبة. التعاطف هو ليس مجردُ فعل، بل هو فنٌّ يُتقنُ بالممارسة، وهو استثمارٌ حقيقيٌّ في بناءِ عالمٍ أفضلَ لجميعِ أفراده.

Photo by Melissa Askew on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top