كم مرة شعرتَ بالضياع؟ كم مرة سألت نفسك “من أنا حقاً؟” في زحمة الحياة اليومية، بين المسؤوليات والواجبات الاجتماعية، يُسهل علينا أن ننسى أنفسنا، أن نضيع في دوامة الأنشطة دون أن نخصص وقتاً للتفكير في هويتنا، طموحاتنا، ومشاعرنا الحقيقية. نحن كالنباتات التي تُهمَل، تُكافح من أجل البقاء دون أن تُروى بماء المعرفة الذاتية. لكن رحلة الاكتشاف هذه، رحلة البحث عن الذات، هي من أهم الرحلات التي يمكن أن نخوضها في حياتنا. فهي ليست مجرد تمرين فلسفي، بل هي أساس لتحقيق السعادة والرضا الداخلي، لبناء علاقات صحية، ولتحقيق أهدافنا بفعالية أكبر. فهم أنفسنا يعني فهم دوافعنا، نقاط قوتنا، وضعفنا، ما يجعلنا نسير بثقة أكبر نحو مستقبل نرسمه بأنفسنا.

تُرَصِّعُ نَفسَكَ بِأحجيةٍ، فَتَكتشفُ لُغزَها بِبَريقٍ خَفيٍّ.

هذه الجملة بليغةٌ في بساطتها، وتُجسّد جوهر رحلة المعرفة الذاتية. نحن نُزيِّن أنفسنا بأسئلة، بتحديات، بخبرات جديدة، كأننا نُرَصِّعها بأحجيةٍ مُعقّدة. كل تجربة جديدة، كل تحدٍّ نتجاوزه، كل درس نتعلمه، هو قطعة من هذه الأحجية. في البداية، قد تبدو الأحجية مُربكةً، مُعقدةً، لكن مع كل قطعة نضعها في مكانها الصحيح، مع كل فهم نكتسبه عن أنفسنا، يبدأ البريق الخفيّ في الظهور. هذا البريق هو إدراكنا لذواتنا الحقيقية، هو فهمنا لدوافعنا، هو سلامنا الداخلي. ربما يكون التجربة السلبية بمثابة قطعة من الأحجية، تُساعدنا على فهم نقاط ضعفنا والتعلّم من أخطائنا، مُساهمةً في رسم صورة أكثر وضوحاً لذاتنا.

مثال على ذلك، شخص يعاني من صعوبة في التواصل مع الآخرين، قد يبدأ بالتأمل في أسباب هذه الصعوبة، يُحاول فهم خبراته السابقة، ويُجرب أساليب تواصل جديدة. مع كل محاولة، يكتشف شيئاً جديداً عن نفسه، و يقترب من حلّ “لُغز” صعوبة التواصل لديه.

في الختام، رحلة المعرفة الذاتية ليست رحلة سهلة، بل هي رحلة مُمتعة ومُثمرة. إنها رحلة اكتشاف لذواتنا الحقيقية، لِما يجعلنا فريدين، وما يجعلنا نسعد. خذوا وقتاً للتأمل في أنفسكم، اسألوا أنفسكم أسئلة صعبة، واقبلوا إجاباتها، سواء كانت مُشرقة أو مُظلمة. شاركونا أفكاركم و تجاربكم في التعليقات، فالتشارك في هذه الرحلة يُضيف بريقاً إضافياً إلى رحلة اكتشاف لغز أنفسنا. تذكروا، أن فهم أنفسكم هو الخطوة الأولى نحو حياة أكثر رضاً وسعادة.

Photo by Dawid Zawiła on Unsplash