كم مرةٍ شعرتَ بتلكَ النشوةِ الخفيفةِ، ذلكَ الرضا الذي يغمرُ قلبكَ دونَ سببٍ واضح؟ لعلَّها لحظةٌ من الإلهامِ الفجائي، أو نظرةٌ من طفلٍ بريء، أو قطعةٌ موسيقيةٌ هادئةٌ تُسَكِّنُ روحكَ. السعادة، يا أصدقائي، ليست هدفاً بعيد المنالِ نَسعى جاهدين للوصول إليه، بل هيَ لحظاتٌ صغيرةٌ تتخللُ حياتنا اليومية، لحظاتٌ نحتاجُ فقط إلى أن نلاحظها، وأن نُقدرَ قيمتها. قد لا تكونُ تلك اللحظاتُ صاخبةً أو مُبهجةً بشكلٍ مُبالغ فيه، فالسعادةُ أحياناً تتسللُ إلينا بهدوءٍ، كنسيمٍ لطيفٍ يلامسُ وجوهنا. ربما هيَ قراءةُ كتابٍ مُمتع، أو حديثٌ مُريحٌ مع صديقٍ عزيز، أو حتى إنجازُ مهمةٍ صغيرةٍ كنا نُؤجلها. هِيَ تفاصيلٌ بسيطةٌ تُشكّلُ معاً لوحةً جميلةً من الرضا والسكون الداخلي. ولكن، كيف نكتشفُ تلك التفاصيل، وكيف نُنميها؟ دعونا نتأمل معاً في هذه الجملة الرائعة:

تَرقُصُ الفراشاتُ على أَطرافِ ضحكةٍ صامتةٍ.

تَخَيَّلوا معي هذه الصورة: فراشاتٌ رقيقةٌ ترقصُ على أطرافِ ضحكةٍ صامتةٍ. الضحكةُ نفسها ليست صاخبةً، بل هيَ ضحكةٌ هادئةٌ من القلب، ضحكةٌ تُشعُّ راحةً وسرورًا داخليًا. تلكَ الفراشاتُ تُمثِّلُ تفاصيلَ السعادةِ الصغيرة، تلكَ اللحظاتِ الجميلةَ التي تُلونُ حياتنا. تُظهرُ لنا هذه الجملةُ أن السعادةَ ليست دائماً مُتكلفة، أو مُبالغٌ فيها. فأحياناً تُخفي السعادةُ جمالها في هدوءٍ عميق، في لحظاتٍ لا تُلاحظُها العينُ المجردة. وحتّى الضحكةُ الصامتةُ، تلكَ التي تُسكنُ القلبَ فقط، تُعَدُّ من أعظمِ مظاهرِ السعادةِ. فكثيرًا ما نجد أنفسنا نبتسمُ ابتسامةً خفيفةً عندما نتذكرُ ذكرىً جميلةً، أو عندما نشعرُ بالامتنانِ لما نملكه. هذه اللحظاتُ هيَ قلبُ السعادةِ الحقيقي.

فلنبدأ بملاحظةِ تلكَ التفاصيلِ الصغيرةِ في حياتنا، لنُقدرَ اللحظاتِ البسيطةَ التي تملأُ قلوبنا بالسعادةِ والتفاؤل. ربما تكونُ تلكَ اللحظاتُ في تفاصيلِ الطبيعةِ المُحيطةِ بنا، أو في علاقاتنا مع أحبائنا. فلتكنْ عيونُنا أكثرَ انتباهاً لجمالِ الحياةِ والخيرِ الذي يُحيطُ بنا.

لنختمَ بقولِ: السعادةُ ليستَ وجهةً نصلُ إليها، بل هيَ رحلةٌ نُسافرُ خلالها، رحلةٌ تُملؤها اللحظاتُ الصغيرةُ والابتساماتُ الصامتةُ، رحلةٌ يُزينُها رقصُ الفراشاتِ على أطرافِ قُلوبنا. فكرّروا هذه الكلماتِ معَ أنفسكم، واكتشفوا معانيها في حياتكم، و شاركوا معنا تفاصيلَ سعاتكم في التعليقات. فالسعادةُ مُعدية، و لنجعلها مُعْديةً بالمعنى الحسن.

Photo by Daniel Olah on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top