كم مرة شعرتَ بِثقلٍ على كاهلك، ثقلٍ ليس ماديًا بل هو حملٌ عاطفيٌّ لشعور شخصٍ آخر؟ كم مرة شاهدتَ صديقًا يصارع همًا، أو جارًا يعاني ضائقة، وشعرتَ برغبةٍ عميقة في مساعدته، في فهم ما يمر به، ولو قليلاً؟ هذه المشاعر، هذه الرغبة في حمل جزء من أعباء الآخرين، هي جوهر التعاطف، وهي قوةٌ هائلةٌ تُشكّل نسيجَ مجتمعنا، وتُضفي معنىً على حياتنا اليومية. نحن كائناتٌ اجتماعيةٌ، روابطنا ببعضنا البعض تُحدّد سعادتنا، وسلامنا الداخلي، وقدرتنا على العيش بانسجام. وليس هناك أقوى من رابطةِ التعاطف في بناء هذه الروابط. فالتعاطف ليس مجردَ شفقةٍ، بل هو فهمٌ عميقٌ لما يشعر به الآخر، ودخولٌ في عالمه، ومشاركةٌ في أحزانه وأفراحه، بكل إخلاصٍ وإحساس.
***
تَخيّلُ نَملةٍ تَحملُ شَمسًا، هكذا هي التعاطفُ.
***
هذا القولُ البليغُ يَجسّدُ جوهرَ التعاطف بصورةٍ مُذهلة. فالنملةُ، بصغرِ حجمها، تُحاولُ حملَ شمسٍ ضخمةٍ، وكأنها تُمثلُ قدرةَ الإنسانِ على حملِ أعباءِ الآخرين، مهما كانت ثقيلةً أو كبيرةً. التعاطفُ ليس مهمةً سهلة، بل هو تحدٍّ يُطالِبُنا بالتفهمِ والصبرِ، والقدرةِ على الخروجِ من ذواتِنا للدخولِ في عالمِ الآخر. تخيلوا أنتم محاطون بأشخاصٍ يُعانون، هل سوف تُغمضون أعينكم عن معاناتهم؟ أم ستُحاولون مساعدتهم بكل ما تملكون من قوة؟ التعاطف يبدأُ بالتأملِ في معاناةِ الآخرين، ثم بمحاولةِ فهمِ أسبابِها، وأخيرًا بإيجادِ طرقٍ لمساعدتهم، سواءً بالتحدثِ إليهم، أو بإعطائهم الدعمِ الماديّ أو المعنويّ.
التعاطف يظهر في أبسط الأمور، كاستماعك لشخص يحكي همومه دون مقاطعة، أو تقديم يد العون لجارك المسن، أو حتى إبداء التعاطف مع شخص غريب عبر تعليق إيجابي على منشور يعبر عن معاناته. كل فعل صغير يعبّر عن التعاطف يبني جسورًا من الأمل والتواصل بين الناس.
***
في النهاية، التعاطف هو قوةٌ مُحرّكةٌ للخير، هو الأساسُ لبناءِ علاقاتٍ إنسانيةٍ صحيةٍ وسعيدة. دعونا نُمارِسُ التعاطفَ في حياتِنا اليومية، فلنَحملَ شمسَ بعضِنا البعض، مهما كانت ثقيلةً. تأمّلوا في هذا المفهوم، شاركوا أفكاركم، وخُطّوا خطوةً نحوَ عالمٍ أكثرَ تعاطفًا وإنسانيةً. فبالتعاطف، نُغيّرُ العالم، ونُغيّرُ أنفسَنا.
Photo by Diego PH on Unsplash