كم مرة واجهت تحديًا في حياتك، شعرت فيه بأنك على حافة الانهيار؟ كم مرة ظننت أنك لن تستطيع مواصلة السير؟ جميعنا يمر بلحظات ضعف، لحظات نشعر فيها بأن قوتنا قد نفدت، وأننا مُحاصرون في دوامة من المشاكل والضغوط. لكن، ما يميزنا حقًا ليس قدرتنا على تجنب هذه اللحظات الصعبة، بل قدرتنا على التكيّف معها، على النهوض من جديد، على إيجاد طريقة للتأقلم والنمو، و هذا بالضبط ما تعنيه **المرونة**. إنها ليست مجرد قدرة على تحمل الصعاب، بل هي فنّ التكيّف والانطلاق من جديد، فنّ إعادة بناء الذات و إيجاد فرص النمو حتى في أصعب الظروف. هي تلك القوة الداخلية التي تمكننا من مواجهة عواصف الحياة بثبات و إيجاد طريقنا نحو الشمس مرة أخرى. فهل تخيلت يومًا أن هذه القدرة متجذرة فينا جميعًا، تنتظر فقط أن نكتشفها و نطلقها؟

تُغني شجرةٌ عاريةٌ للشتاءِ رقصةً.

هذه الجملة البسيطة تحمل في طياتها معنى عميقًا عن المرونة. تخيلوا شجرة عارية من أوراقها، تواجه قسوة الشتاء، البرد القارس والرياح العاتية. بدلاً من أن تستسلم للقوة الساحقة للطبيعة، تُغني! تُؤدي رقصةً! هي تُعبّر عن قدرتها على التكيّف، على مواجهة التحديات بإيجابية، على إيجاد جمال حتى في أقسى الظروف. فهي لا تنتظر الربيع ليعود جمالها، بل تجد جمالها في الشتاء نفسه.

هذا المثال يعكس ما يجب أن نفعله في حياتنا. عندما نواجه صعوبات، عندما تبدو الأمور سوداوية، يجب علينا أن نبحث عن جمال الوضع الحالي، أن نستلهم القوة من داخلنا للتكيّف والتغيير. لنفكر مثلاً في شخص فقد وظيفته، بدلاً من أن يستسلم لليأس، يمكنه أن ينظر إلى هذه الفرصة كفرصة للتعلم والتطوير، كفرصة للبحث عن مسار مهني جديد يُناسبه أكثر. أو شخص واجه مرضًا صعبًا، بدلاً من أن ينغمس في الشعور بالضعف، يمكنه أن يجد القوة في روحه للمواجهة والشجاعة، ليستمد إلهامًا من تجربته لإلهام الآخرين.

باختصار، المرونة هي القدرة على التكيّف مع التغيرات والتحديات الحياتية بإيجابية و بناءة. هي رحلة استمرار، رحلة إيجاد المعاني حتى في أصعب الظروف. لذلك، دعونا نستلهم من رقصة الشجرة العارية، ونبحث عن جمال المرونة في أنفسنا، ونشارك قصصنا مع بعضنا، لنعزز من قدرتنا الجماعية على التأقلم والنمو. حاولوا اليوم أن تُلاحظوا قدرتكم على التأقلم مع أصغر التحديات، واحتفلوا بها! ففي كل واحد منكم كامنة قوة المرونة التي تنتظر أن تُطلق.

Photo by Mihai Surdu on Unsplash