كم ننسى أحياناً، وسط ضجيج الحياة اليومية، أن نلقي نظرة على جمال الطبيعة المُحيطة بنا! نسارع في خطواتنا، مُغمّضين أعيننا عن روعة غروب الشمس المُذهل، أو عن هدوء شجرةٍ مُتدلية الأغصان تُغني لنا بلغة الصمت. نحن مُحاطون بعالمٍ رائع، عالمٍ يُخفي في طياته أسراراً لا تُحصى، من ألوانٍ زاهيةٍ تُرسم على أوراق الأشجار، إلى أصواتٍ هادئةٍ تُطلقها الطيور في سماء الصباح. حتى الهواء الذي نتنشقه، حاملٌ بداخله نسماتٍ عذبةٍ تُنعش أرواحنا، وتُعيد لنا التوازن الذي قد نفقده في زحام المدن. فهل توقفنا يوماً لنُدرك هذه النعم المُتاحة لنا؟ هل تمعّنا في تفاصيلها البسيطة؟
سرّ نَظرةٍ، تَرقُصُ النّجومُ في أَزهارِها.
هذا البيت الشعريّ البديع يُجسّد لنا بعمقٍ جمال الطبيعة وأسرارها الخفية. فما هو سرّ هذه النظرة؟ هو سرّ التّأمل، التّمعّن، والانفتاح على جمال ما حولنا. عندما ننظر إلى زهرةٍ بريّةٍ، أو إلى شجرةٍ شامخةٍ، بتركيزٍ وهدوءٍ، نكتشف جمالاً لا يُضاهى. فهذه الزهرة، ببساطتها، تُخفي فيها عالمًا كاملًا من التّعقيد والإعجاز، كأنّها نجومٌ صغيرةٌ تَرْقصُ في ليلٍ مُظلم، تُضيء بجمالها وتُشعّ بألقها. حتى حشرةٌ صغيرةٌ، تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا النظام المُتقن، تُضيف لمسةً من السّحر إلى المشهد. فكلّ عنصرٍ في الطبيعة، مهما صغر حجمه، يُشكّل جزءاً مُهماً من هذه اللوحة الرائعة.
فكّر مثلاً في غابةٍ مُمطرة، أو في شاطئٍ هادئٍ، أو في جبلٍ شامخٍ. كلّ من هذه الأماكن يُخفي في طيّاته جمالاً خاصاً، ويُلهمنا بإحساسٍ بالسّلام والهدوء. إنّ الطبيعة ليست مُجرّد مناظرٍ جميلة، بل هي مصدرٌ لإلهامٍ لا ينضب، ومكانٌ للتّأمل والتّفكير. وكلّما تعمّقنا في مُشاهدة هذه الجماليات، زاد إدراكنا لأسرارها الخفية. وكلّما زاد ارتباطنا بالطبيعة، زاد ارتباطنا بأنفسنا ووجدنا أنفسنا في حالة من التوازن النفسي.
لذا، دعونا نستلهم من جمال الطبيعة، ولنتوقف لحظةً لنتأمّل في أسرارها. فلنُعيد إلى أنفسنا هدوءَ النّفس والسّلامَ الداخليّ، و لنشارك هذا الجَمال مع من نُحبّ. شاركونا أفكاركم وتجاربكم مع الطبيعة، فمعاً نستطيع أن نُقدّر هذه النِعم العظيمة التي تُحيطُ بنا. فلنُعيد إلى أطفالنا حبّ الطبيعة، ولنُعلّمهم أهميّة حمايتها، لأنّها مُستقبلُ أجيالنا القادمة.
Photo by Dave Hoefler on Unsplash