كم من مرة شعرتَ بامتلاء قلبك بالفرح والرضا بعد أن قمتَ بعمل بسيط، أو تلقيتَ لفتةٍ جميلة من شخصٍ عزيز عليك؟ كم من صباحٍ استيقظتَ عليه وقد رسمت ابتسامة على محياك بفضل نعمةٍ بسيطةٍ، كشمسٍ دافئةٍ أو قهوةٍ عطرة؟ إنّ هذه المشاعر الجميلة، هذه اللحظات السعيدة، هي بذور الشكر التي تُزرعُ في قلوبنا، وتُزهرُ لتُعطينا ثماراً من السعادة والسلام الداخلي. نحن غالباً ما نغفل عن أهمية الشكر في حياتنا اليومية، منشغلون بمطامحنا وأحلامنا، وننسى أن نتوقف للحظة لنقدر النعم التي تُحيطُ بنا، الصغيرة منها والكبيرة. ولكن، بمجرد أن نبدأ في ممارسة الشكر، نكتشف كم هو قويّ تأثيره على حياتنا، وعلى نظرتنا للعالم من حولنا. دعونا نتأمل معاً في جمال هذه العادة الرائعة، وكيف يمكنها أن تُضيءَ دربنا نحو حياةٍ أكثر سعادةً وامتناناً.
شكرٌ يرقصُ كَفراشةٍ على نَبْتٍ صغير.
هذا البيت الشعريّ الجميل يُجسّدُ ببراعةٍ جوهر الشكر، فهو ليس مجرد كلمةٍ نقولها، بل هو شعورٌ رقيقٌ، حركةٌ رشيقةٌ كرقصةِ الفراشة، تُلامسُ أدقّ تفاصيل الحياة، كالنبتة الصغيرة التي ترمز إلى النعم البسيطة التي غالباً ما نغفل عنها. تخيلوا معي فراشةً ترقصُ على زهرةٍ صغيرة، فهي لا تكتفي بالنظر إليها، بل تتفاعلُ معها، تُضيفُ لها جمالاً بألوانها وحركتها، وكذلك الشكر، ليس مجرد إقرارٍ بوجود النعمة، بل هو تفاعلٌ إيجابيٌّ معها، شعورٌ بالامتنان يُعبّرُ عن نفسه بأفعالٍ كالكلمة الطيبة، أو الابتسامة الصادقة، أو حتى الصمت المُمتلئ بالشكر والتقدير. فكر في النعم التي تحيط بك، من صحة جيدة، إلى عائلة محبة، إلى عمل مُرضي، وسوف تكتشف كم من “النباتات الصغيرة” التي تستحق أن ترقص عليها فراشة شكرنا.
وماذا لو طبّقنا هذا المبدأ في حياتنا اليومية؟ لنتعلّم أن نرى الجمال في أبسط الأشياء، في دفء الشمس، في صوت الطيور، في مساعدة صديقٍ، في نجاحٍ صغير، في صحّةٍ جيدة. كل هذه اللحظات الصغيرة، إنْ نظرنا إليها بعين الشكر، ستتحوّل إلى مناسباتٍ تُشعُرنا بالامتنان والفرح. تخيلوا أن نُخصص وقتاً يومياً لنُدوّن ما نحنُ شاكرونَ عليه، أو حتى أن نقولها بصوتٍ عالٍ لشخصٍ ما. لنكن أكثر وعيًا للنعم التي تحيط بنا، ولنمارس الشكر كعادةٍ يوميةٍ، كي نُنمّي داخلنا شعوراً بالسعادة والرضا يُحوّلُ حياتنا إلى رقصةٍ جميلةٍ كفراشةٍ تُحلّقُ فوق بستانٍ مُزهرٍ.
ختاماً، إنّ الشكر ليس مجردَ ممارسةٍ اجتماعيةٍ، بل هو ممارسةٌ روحيةٌ، يُغيّرُ من نظرتنا للحياة، ويُضيفُ إليها بُعداً جديداً من السعادة والامتنان. خذوا وقتاً اليوم لتُفكّروا في ما أنتم شاكرون عليه، واكتبوا بعض الأفكار، أو شاركوها مع أحبابكم. دعونا نجعل الشكر جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، حتى نتمكن من رؤية جمالها وتذوق حلاوتها على أكمل وجه. فلنرقص معاً رقصة الشكر، فراشاتٍ جميلةٍ تحلّقُ فوق نباتاتٍ صغيرةٍ مُزهرةٍ بجمال الحياة ونعمها.
Photo by Ayana Wyse on Unsplash