كم من مرةٍ مررتَ بيومٍ عاديّ، مليءٌ بالتفاصيل الصغيرة، دون أن تلاحظَ كم من نعمةٍ تحيطُ بك؟ كم من كلمةٍ طيبةٍ، أو فعلٍ كريمٍ، أو لحظةٍ جميلةٍ، تَمرُّ دون أن نُعطيها حقَّها من التقدير والإشادة؟ في زحمةِ الحياةِ اليوميةِ، نسارعُ الخطى، وننسى أحياناً أهميةَ الشكر، هذهِ المشاعرِ الجميلةِ التي تُضيءُ قلوبنا وتُقوي روابطنا مع الآخرين ومع أنفسنا. الشكر ليس مجردُ كلماتٍ نُرددُها، بل هوَ مُمارسةٌ يوميةٌ تُغيّرُ نظرتنا للحياة، وتُساعدُنا على تقديرِ النعم الصغيرةِ والكبيرةِ على حدٍّ سواء. إنهُ فنٌّ رفيعٌ يُثري حياتنا، ويُزيدُها بهجةً وسعادةً.

شكرٌ يرقصُ على أجنحةِ فراشةٍ زرقاء.

هذا البيتُ الشعريّ الجميلُ يُجسّدُ جمالَ الشكر، ورقَّته، وخفته. فالشكرُ هنا ليسَ مجردَ فعلٍ روتينيّ، بل هوَ رقصٌ أنيقٌ، حركةٌ جميلةٌ كفراشةٍ زرقاء، تُطيرُ على أجنحتها الخفيفةِ مشاعرَ الامتنانِ والسرور. فكّرْ في هذهِ الصورةِ الرائعة: فراشةٌ زرقاءٌ، لونُها يرمزُ إلى السّلامِ والأمل، ترقصُ في الهواء، مُشِيرةً إلى خفةِ الشكر وجماله. ليستْ هذهِ الفراشةُ عبثيةً، بل هيَ رمزٌ لِمَا يُضيفهُ الشكرُ إلى حياتنا من بهجةٍ وإشراق. تخيلْ أن تُضيفَ هذهِ “الفراشة الزرقاء” إلى كلّ يومٍ من أيامك. كيف سيكونُ شعورك؟

تخيّل مثلاً شكرَك لزميلك على مساعدتهِ لك في مهمةٍ صعبة، أو شكرَك لوالديكِ على دعمهما الدائم، أو حتى شكرُك لنفسكِ على إنجازٍ حققته. كلُّ هذهِ الأفعالِ البسيطةِ تُنشِئُ موجةً إيجابيةً تُطيفُ بك وبالآخرين. فالشكرُ ليسَ مُجرّدَ تعبيرٍ عن الامتنان، بل هوَ بناءٌ للعلاقاتِ القويةِ والصحية، وهوَ مُحفّزٌ للسعادةِ والرضا عن النفس. حتى شكر الله عز وجل على نعمه الكثيرة، يُزيدنا تقرباً إليه ويشعرنا بقدرته وعظمته. كلما زدنا في شكر الناس ونعم الله، ازدادت سعادتنا ورضا قلوبنا.

لذلك، دعونا نجعل من الشكر عادةً يوميةً، نُمارسُها بصدقٍ وإخلاص. لنُحوّل كلّ كلمة شكرٍ إلى تلكَ الفراشةِ الزرقاءِ التي ترقصُ على أجنحتها مشاعرُ الامتنانِ والفرح. خذْ وقتاً اليومَ لِتُعِدَّ قائمةً بِما تَشكُرُ الله عليهِ، وبما تَشكُرُ الناسَ عليهِ. شارِكْ أفكارَكَ مع الآخرين، ودعْ جمالَ الشكرِ يُضيءُ حياتَكَ وحياةَ من تُحِبُّ. فالشكرُ ليسَ مُجرّدَ كلمات، بل هوَ أسلوبُ حياةٍ يُزيدُها جمالاً وبهجةً.

Photo by Yang Li on Unsplash