هل فكرتَ يومًا في ماهية السعادة؟ أين تجدها؟ هل هي هدفٌ بعيد المنال، شبحٌ يطاردنا دون أن نُمسكه؟ أم أنها شيءٌ أقرب إلينا مما نتصور؟ في زحمة الحياة اليومية، بين ضغوط العمل والمسؤوليات الأسرية، ننسى أحيانًا أن نبحث عن تلك اللحظات الصغيرة التي تُشكل، مجتمعة، لوحةً جميلةً من السعادة. نبحث عنها في الأموال، في الشهرة، في الإنجازات الكبيرة، ونغفل عن الجمال البسيط الموجود في تفاصيل حياتنا اليومية: ابتسامة طفل، قهوة صباحية دافئة، محادثة مُرضية مع صديق، أو حتى لحظة هدوءٍ هادئة وسط ضوضاء العالم. السعادة ليست وجهةً، بل رحلةٌ تستحق الاستمتاع بكل لحظة فيها. فكيف نستطيع أن نُمسك بهذه الفراشة الهشة، هذه السعادة التي تلمع وتختفي بسرعة؟
سعادةٌ كفراشةٍ، تتراقصُ على أناملِ الريح.
يُجسّد هذا القول ببراعةٍ سرّ السعادة: هي كفراشة رقيقة، جميلة، متقلبة. تتراءى لنا أحيانًا، ثم تختفي بسرعة، كأنها تُلاعبنا. تُشبه أنامل الريح، فلا نستطيع السيطرة عليها تمامًا، ولكننا نستطيع أن نُهيّئ الظروف المناسبة لكي تقترب منّا، وتُزيّن حياتنا بجمالها. فكما لا نُمسك الفراشة بقوة، حتى لا نتلفها، لا نستطيع التمسك بالسعادة بإصرارٍ مُفرط. فالتوتر والقلق يُبعدانها عنا، بينما الهدوء والقبول هما التربة الخصبة لنموها. لذا، علينا أن نُدرك أن السعادة ليست هدفًا ثابتًا، بل هي حالةٌ عاطفيةٌ متغيرة، تتطلب منا التكيّف والمرونة. خذ مثلاً لحظة قضاء وقت ممتع مع العائلة: هذه اللحظة العفوية، المليئة بالضحك والمحبة، هي “فراشةٌ” تتجلى بشكلٍ جميل. أو حتى قضاء بعض الوقت في الطبيعة، الاستماع إلى الموسيقى المفضلة، ممارسة هواية مُحَبة، كل هذه الأمور تُشكل “أناملَ رياح” تُحمل هذه الفراشة الرقيقة إلينا.
ختامًا، رحلة البحث عن السعادة ليست رحلةً بلا نهاية، بل هي رحلةٌ نعيشها يوميًا، نكتشف خلالها أن السعادة ليست موضوعًا مُعقّدًا، بل هي في التفاصيل الصغيرة، في اللحظات البسيطة، في القدرة على التقدير والامتنان. فلنُعيد النظر في حياتنا، فلنُركز على ما يُسعدنا حقًا، فلنُزرع بذور السعادة في أرواحنا بكل يوم. شاركوا معنا أفكاركم عن ما يُسعدكم، فلنُلهم بعضنا البعض في هذه الرحلة الجميلة. تذكروا، الفراشات جميلةٌ بقدر ما هي هشة، وُسعادتنا كذلك. فلتكن رحلةُ بحثكم عنها رحلةً مُمتعة!
Photo by Wout Vanacker on Unsplash