هل فكرت يوماً في لحظات سعادتك الصغيرة؟ تلك اللحظات التي تتسلل إلى يومك كنسيمٍ عليل، تُزيح همومك وتُشعرك بجمال الحياة البسيط؟ ربما كانت ابتسامة طفل، كلمةٌ طيبة من صديق، أو مجرد شُعور بالامتنان لما تملكه. نحن جميعاً نسعى وراء السعادة، لكن رحلتنا للوصول إليها ليست دائماً سهلة أو واضحة. نبحث عنها في الأمور الكبيرة: النجاح الوظيفي، الزواج المثالي، الثروة الطائلة، وننسى في كثير من الأحيان أن السعادة ليست هدفاً بعيد المنال، بل هي مجموعة من اللحظات الصغيرة التي نُكوّن منها لوحة حياتنا. بعض هذه اللحظات تُشبه أشعة شمس ساطعة، تُضيء طريقنا بوضوح، بينما البعض الآخر قد يكون خافتاً، كضوءٍ هادئ في الظلام. فكيف نتعامل مع تلك اللحظات الخافتة؟ كيف نكتشف السعادة حتى في أصعب الظروف؟
**سعادةٌ كفراشةٍ تخفقُ جناحيها في قعرِ بئرٍ، لكنها تُضيء.**
هذا القول البديع يُجسّد ببراعة معنى السعادة الحقيقي. فكثيراً ما نجد أنفسنا محاصرين في “بئر” من المشاكل والهموم، يشعرنا بأن السعادة بعيدة منال. لكن، كما الفراشة في قعر البئر، حتى في أصعب الظروف، تظل هناك شرارة من الأمل، ضوءٌ صغير يُضيء حتى في أعماق الظلام. قد لا نرى ضوء الشمس مباشرة، لكن تلك الفراشة، برفرفة جناحيها، تُذكرنا بأن الحياة تستمر، وأن السعادة لا تزال ممكنة، حتى في قلب المعاناة. ربما تكون هذه السعادة مختلفة، أكثر هدوءاً، أقل ظهوراً، لكنها لا تزال سعادة. فكّر مثلاً في شخص يتغلب على مرضٍ خطير، أو شخصٍ يتجاوز فقداناً عزيزاً عليه، فهؤلاء يجدون سعادتهم في قوة الإرادة، في القدرة على المقاومة والاستمرار. هذه السعادة قد تكون خافتة، لكنها لا تقل أهمية عن السعادة الصاخبة والظاهرة.
إذن، كيف نُضيء “بئرنا” بجناح فراشة السعادة؟ بالتفكير بإيجابية، بالتقدير لما لدينا، بالتأمل في اللحظات الجميلة، و بالتعامل مع التحديات بمرونة و صبر. لا يجب أن ننتظر الظروف المثالية لنعيش السعادة، بل يجب أن نُبدع السعادة في ظروفنا الحالية، مهما كانت صعبة.
في الختام، تذكّر دائماً أن السعادة ليست هدفاً بعيداً، بل رحلة يجب أن نستمتع بكل لحظة فيها. أخذ وقتٍ للتأمل في معنى السعادة لك شخصياً، ومشاركة أفكارك مع الآخرين، سيساعدك على إيجاد فراشتك في قاع بئرك وتقدير ضوئها الجميل. فالسعادة كنزٌ يجب أن نبحث عنه بإصرار، ونُقدر وجوده مهما كانت ظروفنا. فدعونا نبحث عن فراشاتنا ونُضيء حياتنا بأضوائها.
Photo by Mudassir Ali on Unsplash