كم من مرةٍ شعرنا بأنّ الحياة رتيبة، تفتقر إلى ذلك الشعور المميّز الذي يُضيء أيامنا؟ كم من يومٍ مرّ علينا كسحابةٍ رمادية، بلا لونٍ ولا طعم؟ نحن نبحث دائماً عن شيء ما، عن سرٍّ ما يجعلنا نشعر بالرضا والسلام الداخلي، ذلك الشعور الذي نُطلق عليه اسم “السعادة”. ليست السعادةُ هدفًا بعيد المنال، بل هي رحلةٌ نُسافرها يوميًا، تتطلبُ منّا التأمل والوعي، واكتشاف ما يُسعدنا حقًا. فليس هناك تعريفٌ واحدٌ للسعادة، فهي تجربةٌ شخصيةٌ فريدةٌ تختلفُ من شخصٍ لآخر. فما يُسعدكَ قد لا يُسعدني، وما يُبهجني ربما لا يُثيرُ اهتمامك. ولكنّنا جميعًا نتشاركُ في الرغبةِ الملحةِ في العثور على هذه الفراشة النادرة التي تُزيّن حياتنا وتُضفي عليها رونقًا خاصاً. فكيف نُحقّق ذلك؟ كيف نُضيفُ ألواناً زاهيةً إلى لوحة حياتنا اليومية؟
—
سعادةٌ كفراشةٍ تُحلّق، تُلوّنُ الصمتَ.
—
هذا القولُ الجميلُ يُلخّصُ جوهرَ السعادةِ ببراعةٍ. فالسعادةُ ليست ضوضاءً صاخبةً، ولكنها هدوءٌ مفعّمٌ بالحياة، كفراشةٍ رقيقةٍ تُحلّقُ بهدوءٍ، تُزيّنُ حتى أكثر الأماكنِ صمتًا. تُخيلوا حديقةً هادئةً، يعمّها الصمتُ، ثمّ تظهرُ فجأةً فراشةٌ ملونةٌ تحلّقُ بين الأزهار، فجأةً يُصبحُ الصمتُ مُفعماً بالحياةِ والجمال. هكذا هي السعادة، تُضيفُ لمسةً من الجمالِ إلى حياتنا، حتى في أكثر الأوقاتِ هدوءًا أو حتى صعوبةً. قد تأتي السعادةُ من أمورٍ بسيطةٍ، كقراءةِ كتابٍ جميل، أو الاستماعِ إلى موسيقى هادئة، أو مُحادثةٍ مع شخصٍ عزيز. الأهمّ هو أن نُدرك قيمةَ اللحظاتِ الصغيرة، ونُقدّرَ ما نملكُه. فلا ننتظرُ السعادةَ أن تأتي إلينا، بل نُحاول خلقها بأنفسنا من خلال الانتباه للجمال في التفاصيلِ الصغيرة، والتّعبير عن الشّكر، والعطاء.
—
باختصار، السعادةُ ليستُ هدفًا نصلُ إليهُ في يومٍ ما، بل هي رحلةٌ مستمرّةٌ تتطلبُ منّا الوعيَ والبحثَ عن الجمالِ في كلّ شيءٍ. فلنُحاول أن نكون كالفراشةِ، نُلوّنُ صمتَ حياتنا بألوانِ الفرحِ والامتنان. أدعوكم إلى التأملِ في ما يُسعدُكم حقيقًا، وكتابةِ بعضِ التفاصيلِ التي تُضفي على حياتكمِ الجمالَ. شاركوا معنا أفكاركم وتجاربكم، لنعززَ معًا ثقافةَ السعادةِ والرضا. فالحياةُ قيمةٌ، والسعادةُ هبةٌ يجبُ علينا أن نُقدرَها.
Photo by Thom Milkovic on Unsplash