كم مرةً شعرتَ بأنّ الحياة تُرهِقكَ، وأنّ ضغوطَ اليومِ تَثقلُ كاهلكَ؟ كم مرةً تمنّيتَ لو وجدتَ مُلاذًا يُخفّفُ عنكَ ثقلَ المسؤولياتِ، ويُعيدُ إليكَ بسمةً صادقةً من أعماقِ قلبك؟ نحنُ جميعًا نمرّ بهذهِ اللحظات، تلكَ اللحظات التي تُشعِرُنا بأنّ السعادةَ مُجرّدُ حلمٍ بعيدٍ المنال. ولكن، هل السعادةُ حقًا بعيدةٌ كلّ هذهِ البُعد؟ أم أنّها أقربُ إلينا ممّا نتصوّر؟ هل هي مُجردُ لحظاتٍ عابرةٍ، أمّ نمطٌ حياةٍ نُبنيهُ بأنفسنا؟ دعونا نتأمّلَ معًا في هذا السؤال الهامّ، ونبحثُ عن إجابةٍ تُضيءُ طريقنا نحو حياةٍ أكثر سعادةً ورضا.
***
سعادةٌ كفراشةٍ تُحلّق، ثمّ تهبط على كتفك.
***
هذا القولُ الجميلُ يُجسّدُ ببراعةٍ طبيعةَ السعادة. فكثيرًا ما تبدو السعادةُ بعيدةً ومُتقلّبةً، كفراشةٍ تُحلّقُ هنا وهناك، تُثيرُ إعجابنا بجمالها ورقتها، ولكنها لا تُمكثُ طويلًا في مكانٍ واحد. قد نبحثُ عنها بجدٍّ، ونُحاولُ التشبّثَ بها، ولكنّها قد تُفلتُ من بين أيدينا. ولكنّ القول يُضيفُ بُعدًا آخر، فهو يُشيرُ إلى إمكانيةِ أن تهبطَ هذهِ الفراشةُ، هذهِ السعادةُ، على كتفكَ، لتُسكنَ قلبكَ بسلامٍ وسكينة. فالسعادةُ ليستْ مُجرّدَ لحظاتٍ عابرة، بل هيَ اختيارٌ وعيٌّ، وعملٌ يُبذلُ لِخلقِ بيئةٍ مُلائمةٍ لِنموِّها في حياتنا. وهذا يتطلبُ منّا أن نُغيّر من نظرتنا للأمور، أن نُركزَ على الجوانبِ الإيجابية، وأن نُقدّرَ النعمةَ في حياتنا مهما صغرت. فكّر في المشهد، كيف تبدو لك هذه الفراشة؟ ما اللون الذي تفضله؟ ما مدى جمالها؟ هل تشعر بالهدوء عندما تتخيلها تهبط على كتفك؟
دعونا نُطبّق هذا على حياتنا العملية. هل أنت راضٍ عن عملك؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فربما حان الوقت للتفكير في تغيير مسارك المهني. هل تعاني من ضغوط العمل؟ حاول العثور على طرق للتخفيف من التوتر، مثل ممارسة الرياضة أو اليوغا. حاول أن تُركز على الجوانب الإيجابية، حتى في أصعب المواقف.
***
في النهاية، السعادة ليست هدفًا بعيد المنال، بل هي رحلةٌ نُسافرُ فيها نحو أنفسنا، نحو حياةٍ مُوازنةٍ تُرضي روحنا. إنّها فراشةٌ رقيقةٌ تُحلّقُ حولنا، تُنتظرُ أن نُخلقَ لها المُناخَ المُناسبَ لِتهبطَ على كتفِنا، لتُزيّنَ حياتنا بجمالها، لتُعطينا الأملَ والقوةَ للمُضيّ قدمًا. تأمّلوا في حياتكم، ما هيَ الأساليبُ التي تُساعدكم على جذبِ هذهِ الفراشةِ؟ شاركوا أفكاركم وملاحظاتكم معنا، فلنُشاركَ معًا في بناءِ طريقٍ نحو حياةٍ أكثرَ سعادةً وهدوءًا. فالسعادةُ استحقاقٌ، ولكنها أيضًا مسؤوليةٌ تقعُ على عاتقِ كلّ منّا.
Photo by Serge Kutuzov on Unsplash