هل سبق وأن شعرتَ بأنّ السعادةَ شيءٌ بعيدٌ المنال، كأنه نجمٌ لامعٌ في سماءٍ مُظلمة؟ ربّما مررتَ بأيامٍ صعبةٍ، مليئةٍ بالتحديات والآلام، شعرتَ فيها بأنّ الضحك والفرح هما رفاهيةٌ لا تستحقّها. لكنّ الحقيقةَ هي أنّ السعادةَ ليست حالةً ثابتةً، وليست هدفاً نصلُ إليه ونستقرّ فيه. هي بالأحرى رحلةٌ، مليئةٌ بالمنعطفات والارتفاعات والانحدارات، رحلةٌ نشاركُ فيها أنفسنا بكلّ ما فيها من قوّةٍ وضعف، من نجاحٍ وإخفاق. في كلّ يومٍ، نعثرُ على لحظاتٍ صغيرةٍ من السعادة، في كوبٍ من القهوة الدافئة، في ضحكةٍ من طفلٍ، في لحظةِ هدوءٍ وسطَ ضجيج الحياة. هذه اللحظاتُ الصغيرةُ هي التي تُكوّنُ نسيجَ سعادتنا، وهي التي تُذكرُنا بأنّ الحياةَ تستحقّ العيشَ، وأنّ السعادةَ ممكنةٌ مهما كانت الظروفُ.

سعادةٌ كفراشةٍ، تُحلّق فوقَ جرحٍ قديم.

هذا المثلُ يُجسّدُ بعمقٍ علاقةَ السعادةِ بماضينا. فكثيراً ما نجدُ أنفسنا نُعاني من آثارِ تجاربَ سابقةٍ، جروحٍ قديمةٍ لم تُشفى تماماً. لكنّ السعادةَ، كالفراشةِ الرقيقة، قادرةٌ على الظهورِ حتّى في أصعبِ الظروفِ. قد لا تُمحوُ هذهِ الفراشةُ الجرحَ تماماً، لكنّها تُضيفُ إليهِ لمسةً من الجمالِ والجمالِ. تُذكّرُنا بأنّ الحياةَ تستمرّ، وأنّ الفرحَ ممكنٌ حتّى بعدَ ألمٍ عميق. مثلاً، شخصٌ تعرّضَ لخيانةٍ عاطفيةٍ، قد يجدُ نفسهُ يُعاني من ألمٍ عميق، لكنّ الزواج السعيد اللاحق، أو علاقة صداقة قوية، قد تكون كفراشة تُحلّق فوق ذلك الجرح القديم، لا تمحوه، لكن تُضفي عليه لوناً جديداً، لوناً يُشعّ بالأمل.

وكمثالٍ آخر، شخصٌ واجهَ فشلاً مهنياً كبيراً، قد يشعرُ باليأسِ والإحباط، لكنّ إيجادهِ لعملٍ جديدٍ يُناسبهُ أكثر، أو إنجازهِ هدفٍ شخصيٍّ، يُشكلُ فراشةً تُضيفُ الجمالَ والبهجةَ إلى تجربتهِ المؤلمة السابقة. لا يعني ذلك نسيان الماضي أو إنكار الألم، بل يعني قبول الماضي ومحاولة إيجاد السعادة فيه وفي ما بعده.

لذلك، دعونا نتعلّم من هذهِ الفراشةِ الرقيقة، ولنُحوّلَ جراحَنا القديمةَ إلى مناطقَ من النموّ والازدهار. لنبحث عن لحظات السعادة في كل تفاصيل حياتنا مهما كانت صعبة، فالسعادة لا تأتي على طبق من ذهب، بل هي رحلة نبنيه بأنفسنا، رحلة نشارك فيها أنفسنا بكل ما فيها.

في الختام، تذكّر دائماً بأنّ السعادةَ رحلةٌ، وليست وجهةً. خذْ وقتاً للتفكيرِ في تجاربِكَ، واستلهمِ من المثلِ “سعادةٌ كفراشةٍ، تُحلّق فوقَ جرحٍ قديم” لتتعلّمَ كيفَ تُضيفُ الجمالَ إلى جراحكَ القديمةِ. شاركْ أفكاركَ معنا، واجعلْ من رحلةِ السعادةِ رحلتناَ جميعاً. فالحياةُ تستحقّ أن نعيشها بفرحٍ وامتنان، حتى في ظلّ الصعاب.

Photo by Pawel Czerwinski on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top