كم نبحث عنها، تلك الشعوْرة الدافئة التي تُضيء أيامنا وتُنسينا همومنا! السعادة، هذه الكلمة البسيطة التي تحمل في طياتها معنىً عميقاً، تتلاشى أحياناً بسرعة البرق، وتهرب من بين أصابعنا كرملٍ ناعم. نتسائل أحياناً: أين تجد السعادة مأواها؟ هل هي في الثروة، أم في الصحة، أم في العلاقات؟ ربما نجدها في لحظاتٍ بسيطة، ابتسامة طفل، قهوة دافئة في صباح شتوي، أو نسمة هواء منعشة. لكن، كثيراً ما نُحبط عندما لا نجدها بالشكل الذي نتوقعه، فنسقط في دوامةٍ من البحث المُرهق عن شيءٍ يبدو أحياناً بعيد المنال. فهل هي حقاً بهذه الصعوبة؟ أم أننا نبحث عنها في المكان الخطأ؟ دعونا نتأمل قليلاً في هذه الفكرة..

سعادةٌ كفراشةٍ، تهبطُ على كتفٍ باردٍ.

هذا المثل الرائع يُلخص لنا جوهر البحث عن السعادة بشكلٍ مُدهش. فكفراشةٌ رقيقة، هشة، تبحث عن مكانٍ دافئ لتستقر، ولكنها قد تهبط على كتفٍ بارد، لا يستحق حضورها ولا يُقدر قيمتها. يشبه هذا الأمر سعادتنا، فهي كفراشة تُريد أن تُحلّق حولنا، تُزين حياتنا، لكنها تحتاج إلى “كتفٍ دافئ” لاستقبالها. ما معنى “الكتف الدافئ” هنا؟ إنه القلب المُتفتح، النفس المُستعدة، التفكير الإيجابي، والتقدير لما لدينا. فإذا كنا قُلُوبنا مُغلقة على الشكوى والحزن، وأنفسنا مُغمدة في اليأس، فإن السعادة ستجد صعوبةً في الوصول إلينا، ستطير بعيداً دون أن تستقر.

لذا، يُمكننا أن نُشبه “الكتف البارد” بالتشاؤم، بالتذمر الدائم، بالتوقع الدائم للأسوأ، وبقلة الامتنان. أما “الكتف الدافئ” فهو الامتنان لما لدينا، البحث عن الجوانب الإيجابية في الحياة، التركيز على الحلول بدلاً من المشاكل، وإعطاء أنفسنا فرصةً للاستمتاع باللحظات البسيطة. إنها مسؤوليتنا أن نخلق هذا “الكتف الدافئ” ليستقرّ عليه فراشة السعادة. علينا أن نُعدّ أنفسنا لاستقبالها، بقلوبٍ مفتوحةٍ وعقولٍ مُستعدّة.

في الختام، تُذكّرنا هذه المقولة الجميلة بأن السعادة ليست شيئاً نَجِده بمحض الصدفة، بل هي نتيجة لجهودنا ومُنطلق من داخلنا. فلنُراجع أنفسنا، هل نُحضّر “كتفاً دافئاً” لسعادتنا؟ هل نُقدر النعم التي لدينا؟ هل نُركز على الجوانب الإيجابية في حياتنا؟ شاركنا أفكارك، وانعكس على هذه الأسئلة، فالرحلة نحو السعادة رحلةٌ شخصيةٌ، تبدأ من داخلنا، وتُزهر بامتناننا وتفاؤلنا. فلتكن سعادتكم كفراشةٍ تتراقص على كتفٍ دافئٍ، دافئٍ بامتنانكم وتفاؤلكم.

Photo by George Kedenburg III on Unsplash