قلوبٌ ترقصُ على أنغامِ ألمٍ غيرِها. – Zenli

كم مرة شعرتَ بِألمٍ ما، ليس ألمكَ الشخصيّ، بل ألم صديقٍ، جارٍ، أو حتى شخصٍ غريبٍ شاهدتَ معاناته؟ كم مرة وجدتَ نفسكَ تتأثرُ بِقصةٍ مؤثرةٍ، حتى ولو لم تكن مرتبطةً بحياتك بشكلٍ مباشر؟ هذه المشاعر، هذه الرّقّة، هذا هو التعاطف، جوهرُ الإنسانيّةِ الذي يربطُنا ببعضنا البعض، ويُشكّلُ نسيجَ مجتمعٍ متماسكٍ، متعاونٍ، متفاهم. نصادفه في أبسطِ المواقف: ابتسامةٌ مُوجهةٌ لشخصٍ حزينٍ، كلمةٌ طيبةٌ تُخفّفُ وطأةَ ضائقةٍ، مساعدةٌ مُقدّمةٌ من قلبٍ رحيم. لكن، أحياناً، يتجاوزُ التعاطفُ حدودَ المعرفةِ المباشرة، فيصبحُ رقصاً للقلوبِ على أنغامِ أحزانٍ لا نعرفُ تفاصيلها.

قلوبٌ ترقصُ على أنغامِ ألمٍ غيرِها.

هذا البيتُ الشعريّ يُجسّدُ جوهرَ التعاطفِ بِبراعةٍ. فالتعاطفُ ليسَ مجردَ فهمٍ عقلانيٍّ لألمِ الآخر، بل هوَ اهتزازٌ روحيّ، شعورٌ عميقٌ يتجاوزُ الكلماتِ والتفسيرات. تتفاعلُ قلوبُنا معَ معاناةِ الآخرينَ، ترقصُ على أنغامِ آلامهم، حتى وإنْ لم نُشاركهم نفسَ التجربة. قد نرى ذلكَ في تضامنِ العالمِ معَ ضحاياِ كارثةٍ طبيعيّةٍ، أو في دعمِنا لأفرادٍ يعانونَ من مرضٍ ما. هذا الاهتزازُ الداخليّ يدفعُنا للتّضامن، للمشاركة، للتخفيفِ من وطأةِ المعاناةِ قدرَ الإمكان. قد يكونُ التعاطفُ صامتاً، عبارةً عنَ صلاةٍ، دُعاءٍ، أو حتى بُكاءٍ خفيٍّ، لكنّهُ يبقى أثراً عميقاً في نفوسنا و في نفوس من نتّعاطفُ معهم.

يُذكرنا هذا البيتُ أيضاً بأنّ التعاطفَ ليسَ ضعفاً، بل هوَ دليلٌ على قوّةٍ روحيةٍ، قدرةٍ على التّواصلِ العميقِ معَ الآخرينَ، فهمِ احتياجاتهم، ومشاركتهمِ أحزانهم. إنّهُ جوهرُ الإنسانيّة، و أساسٌ لعلاقاتٍ إيجابيةٍ متينة، لِمجتمعٍ قائمٍ على التّعاونِ والمُحبة. فالتعاطفُ ليسَ مجردَ فضيلةٍ، بل هوَ حاجةٌ أساسيةٌ لِبناءِ عالمٍ أفضل.

لذا، دعونا نتوقفَ قليلاً، ونُعيدُ النظرَ في حياتنا اليوميّة. هل نُمارسُ التعاطفَ بِكفايةٍ؟ هل نُولي الانتباهَ الكافي لِمعاناةِ الآخرين؟ دعونا نُشاركَ أفكارنا وخبراتنا في التعاطف، و نُلهم بعضنا البعض لِيكونَ عالمنا أكثرَ تعاطفاً، أكثرَ رحمة، أكثرَ إنسانيّة. لنُشاركَ قصصَنا، و نُقدّمَ الدّعمَ لمن يحتاجونه. ففي تعاطفنا يكمن سرّ سعادتنا وسعادة مجتمعاتنا.

Photo by Daniel Olah on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top