هل سبق لك أن شعرتَ بالضياع؟ كأنّكَ تائهٌ في متاهةٍ لا نهاية لها، تبحث عن شيءٍ ما، عن إجابةٍ لسؤالٍ لا تعرفُ صياغته؟ هذه المشاعر، أصدقائي، أكثرُ شيوعاً ممّا تتصوّر. ففي زحمة الحياة اليومية، بين العمل والدراسة والالتزامات الاجتماعية، ننسى أحياناً أن نخصص وقتاً لأنفسنا، وقتاً لنكتشف من نحن حقاً، ما هي قيمنا، ما هي طموحاتنا، وما الذي يجعلنا نشعر بالرضى والسعادة. رحلة البحث عن الذات ليست مجرد رحلةٍ فكريةٍ مجردة، بل هي رحلةٌ شخصيةٌ عميقةٌ، تحتاج إلى جهدٍ ووقتٍ وصبرٍ، رحلةٌ تستحق العناء بلا شك، لأنّها تقودنا إلى حياةٍ أكثر وعيًا ورضًا. و هذه الرحلة، كما سنرى، تتطلب بناءً دقيقاً، حبة رملٍ تلو الأخرى.
كأنّكَ تُعيدُ بناءَ قصرٍ من رملٍ، حبةً حبةً، لتكتشفَ مَنْ أنتَ.
هذا الكلامُ يُجسّدُ بعمقٍ جوهرَ رحلةِ المعرفةِ الذاتية. فكّرْ في الأمر: قصرٌ من الرمل، هشٌّ ومتغيرٌ، يُبنى حبةً حبةً. هكذا هي رحلةُ اكتشافِ الذات، عمليةٌ تدريجيةٌ، لا تتّسمُ بالسرعةِ أو السهولة. كلّ تجربةٍ تعيشها، كلّ درسٍ تتعلّمه، كلّ عاطفةٍ تشعرُ بها، هي حبةُ رملٍ تُضافُ إلى هذا القصرِ، تُساهمُ في تشكيلِ شخصيتكَ، وتُرسمُ ملامحَ هويتك. بعضُ الحباتِ قد تكونُ جميلةً ولامعة، وأخرى قد تكونُ خشنةً أو مُظلمة، لكنّ جميعها تُشكّلُ جزءاً لا يتجزّأ من هذا القصرِ، منك أنت. لا تتسرّع في البناء، خذ وقتك في فهم كلّ حبة رمل قبل وضعها في مكانها الصحيح.
لذا، ابدأ اليوم بالاستماع إلى نفسك. خصّص وقتاً للتأمل، للكتابة، للمشي في الطبيعة، أو لأيّ نشاطٍ يُساعدك على التواصل مع ذاتك. سجّل أفكارك، لاحظ مشاعرك، واستمع إلى صوتِ قلبك. لا تتردد في طلب المساعدة من مختصّين، إنْ احتجت لذلك. تذكّر أنّ بناءَ قصرِ الذاتِ رحلةٌ طويلةٌ، ولكنّها رحلةٌ تستحقّ العناء.
في النهاية، رحلةُ المعرفةِ الذاتيةِ هي رحلةٌ لا نهاية لها، رحلةٌ تستمر طوال حياتنا. إنّها رحلةٌ تُنمّي وعينا بأنفسنا، وتُعزّز ثقتنا بها، وتُساعدنا على بناءِ حياةٍ أكثر إرضاءً وسلاماً. لذا، ابْدأْ اليوم، حبة رملٍ تلو الأخرى، وابدأ ببناءِ قصرِ ذاتكَ. شاركنا أفكاركَ وخبراتكَ في التعليقات أدناه. ما هي حبات الرمل التي تُشكل قصرَ ذاتك؟
Photo by Heather Shevlin on Unsplash