هل سبق لكَ أن شعرتَ بالضياع؟ كأنّكَ تسيرُ في متاهةٍ لا نهايةَ لها، تبحثُ عن شيءٍ ما تفتقدهُ دونَ أن تعرفَ ما هو؟ نحنُ جميعًا نمرُّ بهذهِ اللحظاتِ في حياتنا، لحظاتٍ نشعرُ فيها بأنّنا نفتقرُ إلى الفهمِ العميقِ لأنفسنا، لأهدافنا، لمشاعرنا، لرغباتنا. ربما تشعرُ بأنّكَ تعيشُ حياةً مُسيّرةً بدلًا من أن تعيشَ حياةً مُخطّطةً بمعنى أنكَ تتفاعلُ مع الأحداثِ بدلًا من أن تسيطر عليها وتوجهها نحو ما تريد. هذهِ هي اللحظةُ التي تبدأُ فيها رحلةُ المعرفةِ الذاتية، رحلةٌ تُمكنُكَ من اكتشافِ ذاتِكَ الحقيقية، و فهمِ قوّاتِكَ و نقاطِ ضعفك، وتحديدِ مسارِكَ في الحياة. رحلةٌ قد تبدو طويلة وشاقة لكنها غنية و مُجزية في النهاية.

كأنكَ تُعيدُ بناءَ قصرٍ من رملٍ، حبةً حبةً، لتكتشفَ هندستهَ الخفية.

هذا الوصفُ الشّيقُ يُجسّدُ بشكلٍ رائعٍ عمليةَ المعرفةِ الذاتية. فكما أنّ بناءَ قصرٍ من الرملِ يتطلّبُ صبرًا ودقةً ومثابرةً، فكذلكَ اكتشافُ ذاتِكَ يتطلّبُ منكَ الجهدَ والوقتَ والإصرار. كلّ خبرةٍ تعيشها، كلّ درسٍ تتعلمه، كلّ علاقةٍ تُقيمها، كلّ قرارٍ تتّخذهُ، هي حبةُ رملٍ تُضيفها إلى بناءِ فهمِكَ لنفسِك. وكلما زدتَ من التأملِ والاستبطانِ، كلما استطعتَ فهمَ هندسةِ ذاتِكَ الخفية، اكتشاف القيم التي تحكمك، الدوافع التي توجهك، والأهداف التي تسعى لتحقيقها. تخيل مثلاً أنكَ تكتشفُ خلالَ هذهِ الرحلةِ أنّ بعضَ الخوفِ كانَ يمنعكَ من مُحاولةِ شيءٍ ما كنتَ تُريدُهُ فعلاً، هذا يكشف لك عن قوة معيّنة داخلك يمكنك بنائها وتقويتها للتغلب على هذا الخوف.

لتبدأ هذهِ الرحلة، ابحث عن وقتٍ للتفكير العميقِ، و مارس التأمل، و سجل ملاحظاتكَ. لا تتردّد في طلبِ المُساعدةِ من المُختصّين، أو من أصدقائكَ وعائلتك. تذكّر أنّ المعرفةَ الذاتيةَ ليستِ هدفًا تصلُ إليهِ في يومٍ ما، بل هي رحلةٌ مستمرّةٌ تُساعدُكَ على العيشِ بِوِعيٍ أكثر، و تحقيقِ الإشباعِ والسعادةِ في حياتِك.

في النهاية، رحلةُ المعرفةِ الذاتيةِ هي رحلةٌ إلى أعمقِ أجزاءِ نفسِك. وهي رحلةٌ تستحقُ الجهدَ والوقتَ والصبر. خذْ وقتك، استمتعْ بالرحلةِ، و تذكّر أنّ كلّ حبةِ رملٍ تُضيفها إلى بناءِ فهمِكَ لنفسِك تقربُكَ من اكتشافِ هندستِها الخفية. ابدأ اليوم بالتفكير في حبة رمل واحدة، ما هي الخبرة أو الدرس الذي أثر فيك مؤخراً؟ شاركنا أفكارك!

Photo by Elvis Ma on Unsplash