هل سبق لك أن شعرتَ بالضياع؟ كأنّكَ تسير في متاهةٍ لا نهاية لها، تبحثُ عن شيءٍ ما تفتقده، شيءٍ مهمٍّ جداً لكنك لا تستطيعُ تحديدَهُ بدقة؟ ربّما شعرتَ بأنّكَ لستَ فَهمتَ نفسكَ تماماً، أو أنّ هناكَ جزءاً منكَ مخبّأ بعيداً عن أعينك، يُخفي أسراراً ومواهبَ وَكفاءاتٍ لم تَكتشفها بعد. جميعنا نعيش هذه اللحظات، فرحلةُ المعرفةِ الذاتية ليست مُسيرةً سريعة، بل هي رحلةٌ تستمرُ طوالَ حياتنا، رحلةٌ تتطلبُ الصبرَ والإصرارَ والانفتاحَ على الذاتِ وعلى العالم من حولنا. إنّها رحلةٌ مُمتعةٌ ومُجزيةٌ في نفس الوقت، رحلةٌ تُكشفُ خلالَها أعظمَ كنوزِ حياتنا: أنفسنا.
كأنّكَ تُعيدُ بناءَ قلعةٍ من رمل، حبةً حبةً، لتكتشفَ من أنتَ.
هذا الوصفُ يُجسّدُ بإيجازٍ رحلةَ اكتشافِ الذات. فكأنّ كلّ خبرةٍ نعيشها، كلّ درسٍ نتعلّمه، كلّ علاقةٍ نُقيمها، هي كحبةِ رملٍ نضيفها إلى بناءِ شخصيتنا. بعضُ هذهِ الحباتِ سيكونُ متيناً ومُستقراً، يُعزّزُ بناءَ قلعتنا، بينما بعضُها آخرُ سيكونُ ضعيفاً وهشّاً، يُحتاجُ إلى إعادةِ التقييمِ والإصلاح. ولكن المهمّ هو استمرارُ البناء، حبةً حبةً، بصبرٍ ووعيٍ، حتى نصلَ إلى صورةٍ واضحةٍ لمن نحن. وَسيكونُ ذلكَ بالتفكيرِ في قيمي، مواطن قوّتي، نقاط ضعفي، أهدافي وطموحاتي، والمُثُلِ التي أؤمن بها. كلُ هذا يُساعدُنا على بناءِ قاعدةٍ متينةٍ لِشخصيتنا، قاعدةٍ تُمكننا من مواجهةِ تحدّياتِ الحياةِ بثقةٍ وقوة.
لذا، لا تترددوا في خوضِ هذهِ الرحلةِ المُثيرة، رحلةَ اكتشافِ الذات. ابدأوا بالتفكيرِ في أنفسكم، في مواهبكم، في أحلامكم، في ما يُشعركم بالسعادةِ والرضى. شاركوا تجربتكم مع الآخرين، واستفيدوا من نصائحهم وآرائهم. تذكروا دائماً أنّ رحلةَ المعرفةِ الذاتية هي رحلةٌ مستمرة، لا تُنهى، بل تتطوّرُ وتتغيّرُ معَ مرورِ الزمانِ وتراكمِ الخِبرات. فاستمتعوا بكلّ خطوةٍ في هذهِ الرحلةِ الجميلة، رحلةُ بناءِ قلعةِ حياتكم، حبةً حبةً.
Photo by Pawel Czerwinski on Unsplash