هل سبق لك أن شعرتَ بوجعٍ عميقٍ في قلبك، ليس لسببٍ مباشرٍ يخصّك أنتَ شخصيًا، بل لأنّكَ رأيتَ شخصًا آخر يعاني؟ هل وجدتَ نفسكَ تتمنى لو بإمكانكَ تخفيف ألمه، ولو قليلاً؟ هذه المشاعر، هذه الرغبة في مشاركة الآخرين أحزانهم وأفراحهم، هي جوهر التعاطف. في زحمة حياتنا اليومية، بين ضغوط العمل والمسؤوليات العائلية، غالباً ما ننسى أهمية إلقاء نظرةٍ على من حولنا، على تلك القلوب التي قد تحمل همومًا لا نراها بالعين المجردة. نغرق في مشاغلنا الشخصية، ونفقد القدرة على فهم معاناة الآخرين، نتجاهل الوجوه الحزينة والعيون المُرهقة، ونمرّ كأنّنا لا نراهم. لكنّ التعاطف، كجسرٍ يربط بين القلوب، هو ما يجعل حياتنا أكثر إنسانيةً وجمالاً. هو الذي يزرع الأمل في النفوس ويُعيد البسمةَ إلى الوجوه.

كأنّها مرآة تُرَى فيها عيونٌ غريبة، تُضيء.

هذا الوصف يُجسّد بشكلٍ رائعٍ معنى التعاطف. فالتعاطف ليس مجردَ تقليدٍ للمشاعر، بل هو امتلاكُ القدرة على رؤية العالم من خلال عيون الآخر، فهم تجاربه، ومشاركة مشاعره كأنها مشاعرك الخاصة. تخيل أنّكَ تنظرُ إلى مرآة، ولكنّ انعكاسكَ ليس أنتَ، بل هو شخصٌ آخر، عيونه تحمل قصةً، همساتها تروي معاناةً، ابتسامتها تُخفي ألمًا. هذه المرآة هي قلبك، والتعاطف هو القدرة على رؤية هذه العيون الغريبة، ولكنّها تُضيء بوجودك، بقدرتك على الفهم والمشاركة. مثلاً، سماعكَ لشخصٍ يتحدث عن فقدانه لشخصٍ عزيز عليه، ليست فقط مسألة الاستماع، بل هي المشاركة في حزنه، فهم عمق خسارته، وإظهار التعاطف من خلال الكلمات والدعم. وهذا ما يجعل العيون “تضيء”، لأنّها وجدت من يفهمها، من يُقدّر معاناتها.

ختاماً، التعاطف ليس رفاهيةً، بل هو ضرورةٌ للحياةِ الإنسانية السوية. هو ما يجعلنا أكثرَ إنسانيةً، أكثرَ تفهماً، وأكثرَ قدرةً على بناء علاقاتٍ إيجابيةٍ مع من حولنا. دعونا نتوقف للحظة، ونُلقي نظرةً أعمقَ على من حولنا، ونحاول فهم مشاعرهم وتجاربهم. دعونا نجعل قلوبنا مرآةً تعكس الضوءَ والأملَ في عيونِ الآخرين. شاركوا أفكاركم وتجاربكم في التعاطف في التعليقات، فلنُشاركَ معاً في بناءِ عالمٍ أكثرَ رحمةً وتفهمًا.

Photo by Susan Wilkinson on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top