كم من مرةٍ شعرتَ بأنّ يومكِ رماديّ، باهتٌ، وكأنّ الحياةَ قد فقدتْ بريقها؟ كم من مرةٍ غرقتَ في دوامةِ الأفكارِ السلبيةِ، وشعرتَ بثقلٍ يُثقلُ كاهلكَ؟ نحنُ جميعًا نمرّ بهذهِ اللحظات، فالسعادةُ ليست حالةً دائمةً، بل هي رحلةٌ نتّخذُها يوميًا، رحلةٌ تتطلبُ منّا جهدًا ووعيًا. لا تتعلّقُ السعادةُ بمُمتلكاتنا المادية، ولا بمنصبنا الاجتماعي، بل تتعلّقُ بطريقةِ نظرنا إلى الحياة، بطريقةِ تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين. فالتفاصيلُ الصغيرةُ، كلمةُ شكرٍ صادقة، ضحكةٌ مُشرقة، أو حتى لحظةُ هدوءٍ مع كوبٍ من القهوة، كلها عناصرٌ تُساهمُ في بناءِ شعورٍ بالرضا والسعادة. إنها مجموعةٌ من الخياراتِ الصغيرةِ التي نختارها يوميًا، والتي تُشكلُ النسيجَ العامّ لحياتنا.

ضحكةٌ تنبتُ ورودًا في صحراءِ قلبٍ جافّ.

هذا القولُ المُلهمُ يُلخّصُ جوهرَ ما نتحدثُ عنهُ. فكّرْ في معنى هذهِ الكلماتِ الجميلة: صحراءُ قلبٍ جافّ، أيّ قلبٌ مُتعبٌ، مليءٌ بالقلقِ والحزنِ، قلبٌ فقدَ الأملَ. لكنّ الضحكةَ، حتى وإن كانت ضحكةً خفيفةً، تُغيّرُ كلّ شيءٍ. هي كالماءِ الذي يُرويُ الأرضَ الجافة، كالضوءِ الذي يُزيحُ الظلامَ، فهي تنبتُ الورودَ، أيّ تنبتُ الفرحَ والأملَ من جديدٍ. تخيلْ نفسكَ بعدَ يومٍ طويلٍ ومُرهق، تُحيطُ بكَ مشاكلٌ كثيرة، لكنّكَ تجدُ نفسكَ تضحكُ مع صديقٍ، أو تشاهدُ فيديوً مضحكًا. سوفَ تشعرُ بتحسنٍ فوريّ، بأنّ ثِقلَ تلكَ المشاكلِ قد خفّ بعض الشيء. الضحكُ يُفرِغُ طاقتنا السلبية، ويُنشّطُ الجسمَ والعقلَ، مُعطينا قوةً لمُواجهةِ التحديات.

وليس الأمرُ مُقتصرًا على الضحكةِ الصريحةِ، بل إنّ الابتسامةَ الهادئةَ، التفاؤلَ الداخليّ، كلّها أشكالٌ من “الورودِ” التي تنمو في قلبٍ كانَ جافًا. فالحرصُ على ممارسةِ أنشطةٍ نُحبّها، قضاءُ الوقتِ مع الأحبّة، المُشاركةُ في الأعمالِ التطوعيةِ، كلّها طُرقٌ لزرعِ البُهجةِ والسعادةِ في حياتنا.

في الختام، تذكّرُ دائماً أنّ السعادةَ ليستْ هدفاً بعيد المنال، بل هي رحلةٌ نخطوها خطوةً بخطوة. خذْ وقتًا للتفكيرِ في مُسبباتِ سعادتك، و اعمل على زرع ” ورود” الفرح في قلبك يوميًا. شاركنا مُسببات سعادتك، فربما تُلهمنا قصتكَ ليومٍ أكثرَ إشراقًا. إنّ الاهتمامَ ببناءِ شعورٍ بالسعادةِ ليسَ ترفًا، بل هو استثمارٌ في حياتنا وصحتنا النفسية والجسدية. فلتبدأ رحلة سعادتك اليوم بابتسامة.

Photo by Heather Shevlin on Unsplash