كم مرة شعرتَ بضيق صديقٍ، أو ألم قريبٍ، فأحسستَ وكأنّ ثقلَ همّهِ قد استقرّ على كاهلك؟ كم مرة رأيتَ وجهًا حزينًا في الشارع فأردتَ أن تقدّمَ يد العون أو كلمة طيبة؟ هذه المشاعر، هذه الرغبة في فهم معاناة الآخرين، و مشاركتهم أحزانهم وأفراحهم، هي جوهرُ **التعاطف**. ليست مجرد كلمةٍ جميلة، بل هي سلوكٌ نبيلٌ يُضيءُ حياتنا وحياةَ من حولنا. في زحمةِ حياتنا اليومية، بين ضغوط العمل والدراسة والعلاقات الاجتماعية، من السهل أن ننسى أهمية التعاطف، أن نُغفلَ عن وجعِ الآخرين ونركز فقط على أنفسنا. لكن، أليس من الجميل أن نجعل من التعاطف جزءًا لا يتجزأ من شخصياتنا، مصدرًا للفرح والسعادةِ لأنفسنا ولمن نحب؟
أشجارٌ تُمسِكُ دموعَ الغيم، ثم تُمطرُ ابتساماتٍ.
هذا الكلامُ الجميلُ يختصرُ معنى التعاطف ببراعةٍ. الأشجار هنا رمزٌ للبشر، تستقبلُ حزنَ العالم (دموع الغيم) وتحوّلهُ إلى شيءٍ إيجابي، إلى مطرٍ من الابتسامات. التعاطف ليس بالتّنازل عن مشاعرنا الخاصة، بل هو قدرةٌ على احتضانِ مشاعرِ الآخرين، فهمها، والسعي لمساعدتهم على تجاوزها. تخيلوا طبيبًا يعالجُ مريضًا بلا تعاطف، أو معلّمًا لا يفهمُ صعوباتِ تلاميذه، أو صديقًا لا يشعرُ بألمِ صديقه. سيكونُ العالمُ بلا شكّ أكثر قسوةً وبرودةً. التعاطف يُولدُ الأملَ، ويُقوّي العلاقات، ويُنشِئُ مجتمعًا أكثر انسجامًا وتضامنًا.
فلنتذكر جميعًا هذه الصورة الجميلة: أشجارٌ تحتضنُ الحزن، ثم تُمطرُ الفرح. لنكن أشجارًا تعطي من قلوبها لمن حولها، لنكن مصدرًا للأمل والدعم للآخرين. فلنُمارس التعاطف في كُلّ مواقفنا اليومية، من الكلام الطيب إلى العون المادي، من الاستماع الصادق إلى المساعدة العملية.
في الختام، التعاطف ليس ترفًا بل هو ضرورةٌ للحياةِ السعيدةِ المُنتجة. إنه جسرٌ يُربطُ بين القلوب، ويُنشئُ عالمًا أكثر إنسانيةً. أدعوكم اليوم إلى التفكرِ في أهميةِ التعاطف في حياتكم، ومشاركةِ خبراتكم معنا في التعليقات. كيف تُمارسون التعاطف؟ ما هي الطرقُ التي تستعملونها لإظهارِ تعاطفكم مع الآخرين؟ لنجعل من هذا المدوّنة منصةً لنتشاركَ معًا في بناءِ عالمٍ أكثر رحمةً وتضامنًا.
Photo by Maël Seigneurie on Unsplash