هل سبق لك أن نظرتَ إلى شيءٍ اعتياديٍّ، كفنجان قهوةٍ مثلاً، ورأيتَ فيهِ أكثر من مجرد فنجان؟ هل خطر ببالكِ تصميمٌ جديدٌ، أو قصةٌ قصيرةٌ، أو حتى لحنٌ موسيقيٌّ مستوحى من بُنيةِ هذا الفنجان البسيطة؟ إنّ هذه اللحظاتِ الصغيرةَ، هذه الومضاتِ الإبداعيّةِ التي تُزيِّنُ حياتنا اليوميّةَ، هي ما يُشكّلُ جوهرَ الإبداع. ليس الإبداع حكراً على الفنانين والكتّاب والمُخترعين فقط، بل هو قدرةٌ كامنةٌ فينا جميعاً، قدرةٌ على رؤيةِ العالم من زاويةٍ مختلفةٍ، على ربطِ الأفكارِ ببعضها البعض بطرقٍ غير متوقّعة، وعلى إيجادِ حلولٍ مبتكرةٍ للمشكلاتِ التي تواجهنا. إنّه بريقٌ من الخيالِ يُضيءُ حياتنا ويُضيفُ إليها الجمالَ والمتعةَ. دعونا نغوصَ معاً في عمق هذا العالمِ الرائع، عالم الإبداع.
عصفورٌ من ورق، يطيرُ بألوانِ أفكارنا.
هذا البيتُ الشعريُّ البسيطُ، يُعبّرُ بعمقٍ عن جوهرِ الإبداع. “عصفورٌ من ورق”، رمزٌ للهشاشةِ والبُساطةِ، لكنّهُ في الوقتِ نفسهِ، يُمثّلُ قوةَ الخيالِ وقدرتَهُ على التحليقِ فوقَ حدودِ الواقع. أفكارُنا، هي ألوانُ هذا العصفورِ، كلٌّ منها يُضيفُ لمسةً فريدةً إلى لوحةِ إبداعاتنا. فكرةٌ بسيطةٌ قد تتحوّلُ إلى إنجازٍ عظيمٍ، كما أنّ مزيجاً من أفكارٍ مختلفةٍ قد يُولّدُ شيئاً جديداً كلياً. فكّروا مثلاً في مخترعِ المصباحِ الكهربائيّ، كم من فكرةٍ وكم من تجربةٍ فشلتْ قبلَ أن يصلَ إلى هدفه؟ لكنّهُ لم يستسلمْ، فاستمرّ في الطيرانِ بعصفورهِ الورقيّ، حتى أضاءَ العالمَ بإختراعه.
وكم من قصيدةٍ رقيقةٍ ولدتْ من ملاحظةٍ بسيطةٍ لِطبيعةٍ، أو من حكايةٍ سمعها الشاعرُ من طفلٍ صغير؟ و كم من لوحة فنية رسمت بلمسة إبداعية من فنان استخدم مواد بسيطة ليخلق عالماً جديداً من الأشكال والألوان. الإبداعُ ليسَ مقياساً للكمّ، بل هو جودةُ الفكرةِ، ونضجُ التنفيذِ، والقدرةُ على التواصلِ معَ الآخرين.
لذلك، دعونا نُشجّعَ أنفسَنا على إطلاقِ عصفورِنا الورقيّ، على السّماحِ لأفكارنا بالطيرانِ بحرّيّةٍ، دونَ خوفٍ منَ الفشلِ أو النقد. فكّروا في أفكاركم، شاركوها معَ من تحبون، وساهموا في إثراءِ الحياةِ بلمسةٍ إبداعيّةٍ خاصّة بكم. فالعالمُ يحتاجُ إلى إبداعاتِكم، إلى أفكارِكمَ الجديدةِ، إلى ألوانِ عصافيرِكمِ الورقيّةِ التي تُزينُ سماءَ حياتنا بجمالها.
Photo by Ashkan Forouzani on Unsplash