هل سبق لك أن نظرت إلى كوب قهوة فارغ، فجأةً، ورأيت فيه صورةً كاملةً؟ أو أن استمعت إلى مقطوعة موسيقية، فألهمتك قصةً مُلْهِمَة؟ نحن جميعًا نمتلك بداخلنا شرارةً من الإبداع، تتّقدُ بصمتٍ في أغلب الأحيان. الإبداع ليس حكرًا على الفنانين والكتاب والمخترعين فقط، بل هو قدرةٌ كامنةٌ فينا جميعًا، قدرة على رؤية العالم من زوايا مختلفة، على ربط الأفكار غير المترابطة، وعلى خلق شيء جديد وجميل من العدم. قد يكون إبداعنا بسيطًا، كوصفة طعام جديدة أو ترتيب جديد لغرفة نومنا، أو قد يكون أعظم، كاختراع يُغيّر العالم. ولكن مهما كان حجمه، فإنّ له قيمةً عظيمةً تُضيفُ لحياتنا نكهةً خاصةً وتُنمّي من قدراتنا. فكيف نُطلق العنان لهذه الشرارة ونُطوّر هذه القدرة الكامنة فينا؟

***

عصفورٌ من ورق، يطيرُ بألوانِ أفكارك.

***

هذا المثل الجميل يُجسّد ببساطةٍ جوهر الإبداع. “عصفورٌ من ورق”، بني من أفكارنا، من خيالنا، من أحلامنا. هو هشٌّ، ولكنّه قادرٌ على الطيران، على التحليق عالياً بأجنحةٍ مصنوعةٍ من ألوان أفكارنا المتنوعة. فكل فكرةٍ، مهما كانت صغيرةً أو غريبةً، هي قطعةٌ من هذا العصفور. بعض الأفكار ستكون ألوانًا زاهيةً، تُضفي جمالاً خاصاً، و بعضها الآخر ستكون ألوانًا هادئةً، تُكملُ الصورةَ بشكلٍ متناغم. والمهم هو أن نجمع هذه الأفكار معًا، وأن نجرؤ على تركيبها بطريقةٍ إبداعية، حتى نُكوّن هذا العصفور الجميل، وهو نتاج إبداعنا.

يمكننا تطبيق هذا المفهوم في حياتنا اليومية. فعندما نواجه مشكلةً ما، بدلاً من البحث عن الحلول التقليدية، لنُحاول أن نُفكر بطريقةٍ خارج الصندوق، لنُطلِق عنان خيالنا، ونُضيف ألوانًا مختلفةً لأفكارنا. فقد نصل إلى حلولٍ مبتكرةٍ لم نتوقعها. يمكننا أيضًا استخدام هذا النهج في عملنا، في دراستنا، بل حتى في حياتنا الشخصية.

***

في الختام، الإبداع ليس موهبةً فطريةً فقط، بل هو قدرةٌ قابلةٌ للتنمية والتطوير. هو رحلةٌ ممتعةٌ تحتاجُ إلى الممارسة والصبر والاستعداد للتجربة والخطأ. “عصفورٌ من ورق، يطيرُ بألوانِ أفكارك” يُذكّرنا بأنّ الإبداع موجودٌ فينا جميعًا، علينا فقط أن نكتشفه، ونُنمّيه، ونُشاركَه مع العالم. فكر في أفكارك، اكتبها، ارسمها، شاركها… دع عصفوركَ من ورق يطير! فلنجعل من حياتنا لوحةً فنيةً مليئةً بالإبداع والجمال.

Photo by Daniel Olah on Unsplash