هل سبق لك أن نظرت إلى كوب قهوة فارغ فرأيت فيه قلعةً مترامية الأطراف؟ أو إلى سحابةٍ عابرةٍ فوجدت فيها وجهًا مألوفًا؟ هذه اللحظات العابرة، هذه اللمحات الخاطفة للخيال، هي بمثابة شرارات الإبداع التي تتوهج فينا جميعًا. الإبداع ليس حكرًا على الفنانين والكتاب والمخترعين فقط، بل هو قدرة كامنة فينا جميعًا، قدرة على رؤية العالم بشكل مختلف، على ربط الأفكار غير المترابطة، وعلى خلق شيء جديد من لا شيء. إنه ذلك الصوت الداخلي الهادئ الذي يدفعنا للابتكار، للبحث عن حلول مبتكرة للمشكلات اليومية، لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس. يظهر الإبداع في أبسط الأشياء، في وصفة طعام جديدة، في ترتيب غرفتك بطريقة مبتكرة، أو حتى في ابتسامة صادقة تُضيء وجهك. رحلة الإبداع رحلةٌ شخصيةٌ فريدةٌ، ولكنها رحلةٌ تستحق العناء، رحلةٌ تُثري حياتنا وتُضيف إليها بُعدًا جديدًا من الجمال والابتكار.

عصفورٌ من ورق، يطير بألوان أفكارك.

هذا القول الجميل يُجسّد ببراعة جوهر الإبداع. “عصفورٌ من ورق” رمزٌ للهشاشة والجمال في آن واحد، رمزٌ لأفكارنا التي تبدو في البداية ضعيفةً وهشةً، إلا أنها قادرة، إذا ما أُعطيت الجناحين المناسبين، على الطيران عالياً. “ألوان أفكارك” تُشير إلى تنوع الإبداع، إلى غناه وامتداداته المتعددة. فكلٌ منا يمتلك عالمًا داخليًا فريدًا، عالمًا مليئًا بالألوان والأفكار التي تنتظر أن تُترجم إلى واقع ملموس. ربما تكون هذه الأفكار قصيدةً شعريةً، لوحةً فنيةً، تصميمًا جديدًا، اختراعًا تقنيًا، أو حتى مجرد فكرة جديدة تُساهم في تحسين حياتك وحياة من حولك. يكمن السر في إعطاء هذه الأفكار “الجناحين”، أي العمل على تطويرها وتنميتها، تحويلها من مجرد أفكار عابرة إلى إنجازات ملموسة. هذا يتطلب الصبر والمثابرة والإيمان بأنفسنا وبقدراتنا الإبداعية.

ولنتذكر دائمًا أن الإبداع ليس مجرد موهبة فطرية، بل هو مهارة قابلة للتطوير والتعلم. يمكننا تدريب أنفسنا على التفكير بشكل إبداعي من خلال قراءة الكتب، ومشاهدة الأفلام، وممارسة الهوايات، والتفاعل مع الآخرين، والتجربة والمغامرة. فكل تجربة جديدة، كل فكرة جديدة، تُضيف إلى “عصفور ورقنا” لونًا جديدًا، تُزيد من قدرته على الطيران عالياً.

لذا، دعونا نغتنم هذه الفرصة لنُعيد إحياء “عصفور ورقنا” ونُطلق العنان لإبداعاتنا. خذوا بعض الوقت للتفكير في أفكاركم، سجلوا ما يخطر ببالكم، جربوا أشياء جديدة، وتشاركون إبداعاتكم مع العالم. فكل “عصفور من ورق” يُضيف جمالًا ورونقًا لعالمنا. تذكروا، الإبداع ليس مجرد ترف، بل هو وقود التقدم والازدهار، هو جوهر الحياة، وهو ما يجعل الحياة تستحق العيش.

Photo by Jason Leung on Unsplash