كم مرةٍ تمنينا لو أن السعادة حالةٌ ثابتةٌ، شعورٌ دائمٌ لا يفارقنا؟ كم مرةٍ بحثنا عنها في الأشياء الكبيرة، في المنازل الفاخرة، والسيارات البراقة، والوظائف المرموقة؟ ربما نجد لُحظاتٍ من السعادة في تلك الأمور، لكنها لحظاتٌ عابرة، كأشعة الشمس التي تطل من خلف السحب ثم تختفي مجدداً. السعادة الحقيقية ليست تلك اللحظات المتفرقة، بل هي رحلةٌ نواصل السير فيها، رحلةٌ مليئةٌ بالتجارب، بعضها مُرّ، وبعضها حلو، رحلةٌ نتعلم خلالها كيف نقدر اللحظات الجميلة، وكيف نتجاوز الصعاب. فالسعادة ليست وجهةً نصل إليها، بل هي طريقةٌ نعيش بها حياتنا. إنها فنٌ نتقنه تدريجياً، فنٌ يتطلب منا الصبر والتأمل والامتنان.
السعادة زوبعة رملية، تترك وراءها أثرًا لامعًا.
يُشبه هذا القول السعادة بـ”زوبعة رملية”، عاصفةٌ قويةٌ قد تكون مُزعجةٌ في لحظاتها، تُثير الغبار، وتُحجب الرؤية، لكنها – وبشكل مُدهش – تترك وراءها أثرًا لامعًا. فهذه “الزوبعة” تمثل تحديات الحياة، الأوقات الصعبة، اللحظات التي نشعر فيها بالضياع أو اليأس. لكن من خلال تجاوز هذه التحديات، من خلال مواجهة صعوباتنا وتعلّم دروسها، نكتشف جوانب قوية من شخصياتنا، وننمو ونكتسب خبرةً ثمينةً. هذا “الأثر اللامع” هو ما يبقى معنا، هو ثمرةُ تجاربنا، هو نضجنا وتطورنا، هو فهمنا الأعمق للحياة والسعادة. فكّر مثلاً في تجربةٍ صعبةٍ مررت بها، هل تركت وراءها شعورًا بالخسارة فقط؟ أم أنك تعلمت شيئًا جديدًا عن نفسك، عن قدراتك، عن قوتك الداخلية؟ هذا هو “الأثر اللامع”.
إن فهم هذه الحقيقة يُساعدنا على مواجهة صعوبات الحياة بمنظورٍ مختلف، فبدلاً من السعي وراء سعادةٍ وهميةٍ، ثابتةٍ، ندرك أن السعادة مُتغيرةٌ، ديناميكيةٌ، تُبنى على تجاربنا، على قدرتنا على التأقلم، على قدرتنا على الاستفادة من كل لحظة، سواءٌ كانت سارةً أم صعبةً.
إذن، دعونا نُدرك أن السعادة ليست هدفًا نصل إليه، بل هي رحلةٌ نُسافر خلالها نحو أنفسنا الأفضل. فلنُركز على تعلّم دروس الحياة، ولنُقدر اللحظات الجميلة، ولنُدرك أن حتى الزوبعات الرملية تُخفي في داخلها جمالًا لامعًا. شاركنا أفكارك عن السعادة وتجاربك، فربما نستلهم من بعضنا بعضًا طرقًا جديدةً لإيجاد السعادة في حياتنا. فلنبدأ رحلتنا معًا!
Photo by PTRCWRNR on Unsplash