كم من مرةٍ تمنّيتَ لو استمرت تلك اللحظة السعيدة إلى الأبد؟ ذلك الشعور بالرضا التامّ، الضحك الذي يملأ صدرك، أو تلك النظرة التي تبعثُ في قلبك دفئاً لا يوصف. نبحثُ جميعاً عن السعادة، نسعى إليها في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في حياتنا، من نجاحٍ في العمل إلى لحظةٍ عائليةٍ دافئةٍ، من رحلةٍ ممتعةٍ إلى كتابٍ شيّقٍ. لكن هل السعادةُ هي تلك اللحظاتُ العابرةُ فقط؟ أم أنها شيءٌ أعمقُ وأكثرَ ديمومةً؟ هل هي هدفٌ نصلُ إليه، أم رحلةٌ نستمتعُ بها في كلّ خطوة؟ دعونا نتأمّلُ معاً في طبيعة السعادة، و كيف نحتفظُ بلمعانها حتى بعد زوالها.
السعادة نجمةٌ ساقطةٌ، تلمعُ ثم تختفي، لكنّ ضياؤها يبقى.
هذا القولُ الجميلُ يعبّرُ ببراعةٍ عن طبيعة السعادة. فهي كالنجمة الساقطة، تظهرُ فجأةً بلمعانٍ ساحر، ثم تختفي بسرعة. قد تكون تلك النجمةُ نجاحاً مهنياً، زواجاً سعيداً، أو ولادة طفل. لكنّ هذا اللمعانَ، هذا الشعورُ بالفرحِ العارم، لا يدومُ إلى الأبد. تختفي النجمة، لكنّ ضياؤها يبقى. يبقى في ذاكرتنا، في قلوبنا، كذكرىٍ جميلةٍ نستعيدها ونستمدّ منها القوةَ والطاقة. فالسعادةُ ليستُ مجردَ شعورٍ عابر، بل هي أيضاً تراكمُ لحظاتٍ جميلةٍ، خبراتٌ قيّمةٌ، ودروسٌ نتعلمها من كلّ تجربةٍ نعيشها.
فكر مثلاً في طفولتك، في تلك الأيام البريئة المليئة بالمرح واللعب. بعض تلك اللحظات قد تكون قد نسيتها، لكنّ الشعور العامّ بالسعادة والطمأنينة يبقى محفوراً في ذاكرتك. هذا هو ضياء النجمة الساقطة. وعلى هذا الأساس، يمكننا بناء سعادةٍ أكثر استدامةً، ليس من خلال البحث عن لحظاتٍ سعيدةٍ عابرةٍ فقط، بل من خلال تقدير اللحظات الصغيرة، وإيجاد السعادة في الأشياء البسيطة، مثل قضاء وقتٍ مع العائلة، ممارسة هوايةٍ محببة، أو مساعدة الآخرين. إنّ تراكم هذه اللحظات الصغيرة يُشكلُ شعوراً عميقاً بالسعادة والرضى.
لذا، دعونا لا نركزَ فقط على اللحظة، بل على الذكرى والانعكاس. دعونا نستلهم من ضياء النجوم الساقطة، ونُحوّلُ كلّ تجربةٍ، سواء كانت سعيدةً أم حزينةً، إلى درسٍ قيّمٍ يُثري حياتنا، ويُسهمُ في بناء سعادتنا الداخلية. شاركنا أفكارك حول السعادة، ما هي اللحظات التي لا تزال تُشعُّ ضياءً في قلبك؟ ما هي الأشياء التي تُسهمُ في سعادتك اليومية؟ دعونا نتبادل الخبرات ونُلهم بعضنا بعضاً في رحلتنا نحو حياةٍ أكثر سعادةً ورضاً.
Photo by Siim Lukka on Unsplash