هل سبق وأن شعرتَ بتلك اللحظة العابرة، تلك النفحة القصيرة من الرضا والسلام الداخلي التي تملأ قلبك فرحاً؟ تلك اللحظات الصغيرة، كشمس تشرق فجأةً في يوم غائم، هي ما تُشكل نسيج سعادتنا اليومية. نبحث عنها جميعاً، تلك السعادة، في نجاحاتنا المهنية، في علاقاتنا الاجتماعية الدافئة، في لحظات الاسترخاء والهدوء، حتى في أبسط الأشياء كفنجان قهوة دافئ في صباح شتوي. لكن هل هي شيءٌ نُمسكه بسهولة أم تُشبه شيئاً ما أكثر تعقيداً وجمالاً؟ أحياناً نشعر بأنها بعيدة المنال، كحلمٍ يُراودنا في منامنا، وأحياناً أخرى، تُلامسنا كلمسة رقيقة من الحنان. رحلة البحث عنها هي رحلةٌ تستحق العناء، رحلةٌ تُكشف لنا عن أعماق أنفسنا وما يجعلنا نشعر حقاً بالرضا والامتنان. ولكن، كيف نُحقق هذه الرحلة؟ كيف نُمسك بتلك اللحظات الجميلة ونُحافظ عليها؟
السعادة: فراشةٌ ذهبيةٌ تُطاردُ ضوءَ الشمسِ الخجول.
هذا التشبيه الجميل يُلخص لنا جوهر سعادتنا ببراعة. فالسعادة ليست شيئاً ثابتاً، بل كفراشة ذهبية رقيقة، متقلبة، تُحاول اللحاق بضوء الشمس الخجول. ضوء الشمس هنا يُمثل الأهداف والرغبات التي نسعى إليها، التي قد تكون خجولةً وصعبة المنال أحياناً. فلا نُحاول أبداً أن نُمسك بالفراشة بقوة، بل نتبعها بلطف، ونُحافظ على توازننا بين طموحاتنا وبين قبولنا لما هو مُتاح لنا. قد نتعثر في رحلتنا، وقد نفشل في اللحاق بالفراشة في بعض الأحيان، لكن المهم هو الاستمرار في البحث، في مُطاردة ذلك الضوء الخجول، ففي كل محاولةٍ، في كل لحظةٍ نُفكر فيها بإيجابية، نُحسّن من فرصنا في إيجاد السعادة. تُذكّرنا هذه الصورة أيضاً بأهمية التفاؤل والأمل، فكذلك ضوء الشمس الخجول يُظهر جماله أكثر عندما نُحاول التعامل مع ظروف الحياة بروحٍ مُشرقة.
لن نتوقف عن البحث، عن مُطاردة هذه الفراشة الذهبية. فلنتذكر أن السعادة ليست هدفاً نهائياً، بل رحلة مستمرة. فكل يوم، كل لحظة، هي فرصةٌ جديدةٌ لنُعيد اكتشاف مفهوم السعادة ونُعززها في حياتنا. لنبحث عن الجمال في الأشياء البسيطة، لنُقدر علاقاتنا، ولنُحيط أنفسنا بالإيجابية والأشخاص الذين يُضيفون فرحاً لحياتنا. فلنتأمل في هذا التشبيه، ونُشارك أفكارنا ومشاعرنا مع الآخرين، فربما تُلهم تجربتنا الآخرين في مُطاردة سعاتهم الخاصة. تذكروا دائماً: السعادة رحلة، وليس وجهة.
Photo by Gennady Zakharin on Unsplash