هل سبق لك أن شعرتَ بأنّ يومًا عاديًا، مليئًا بالأمور الروتينية، تحوّل فجأةً إلى يومٍ استثنائي؟ ربما كانت ابتسامة طفلٍ بريئة، أو مكالمة هاتفية مُفاجئة من شخصٍ عزيز، أو حتى لحظة صفاءٍ وسط ضجيج الحياة. تلك اللحظات الصغيرة، التي قد تبدو تافهة في ظاهرها، هي في حقيقتها مفاتيحٌ للسعادة، مُشَرِّعةٌ أبوابًا للعالم الداخلي المُشرق. نبحث جميعًا عن السعادة، نُطاردها في الأشياء الكبيرة، في المنازل الفارهة، والوظائف المرموقة، والنجاحات الباهرة. لكنّ السعادة الحقيقية، كما سأُشارككم بها اليوم، تكمن في التفاصيل الدقيقة، في تلك اللحظات التي نغفل عنها أحيانًا، مُغمورةً في ضجيج حياتنا اليومية المُتسارعة. السعادة ليست هدفًا بعيدًا، بل هي رحلةٌ نُسافرُ فيها بخطواتٍ صغيرة، مستمتعين بكلّ محطةٍ على الطريق.
الفرحُ نملةٌ تحملُ شجرةً، صغيرةٌ لكنّها عملاقةٌ.
هذا المثل الرائع يُجسّد ببراعةٍ ماهية السعادة. فكم من مرةٍ شعرنا بفرحٍ عظيمٍ، انبثق من حدثٍ بسيطٍ، كأنّه نملةٌ صغيرةٌ حملت شجرةً ضخمةً من الفرح؟ تلك النملة، هي التفاصيل الصغيرة، اللفتات البسيطة، كلمة طيبة، مساعدة شخصٍ محتاج، إنجازٌ صغيرٌ في مشروعٍ كبير. تلك الأشياء، بقدر صغرها الظاهري، تُحدثُ أثرًا عملاقًا على مشاعرنا، مُنعشةً أرواحنا وتُعيد إلينا الإحساس بالهدوء والسكينة. قد يكون الفرح مُتمثلاً في قهوةٍ ساخنةٍ في صباحٍ بارد، أو ضحكةٍ مع الأحباب، أو إتمام مهمةٍ كُنّا نُعاني منها. وكلّ هذه الأشياء، بقدر صغرها، تُشكّل معًا صورةً كاملةً لسعادةٍ بسيطةٍ لكنّها عميقة.
تخيّلوا أنّ كلّ نملةٍ صغيرةٍ من فرحٍ، تُمثّل لحظةً سعيدة، وعندما نجمع هذه اللحظات، نتكوّن شجرةً ضخمةً من السعادة والرضا. ولذلك، يجب علينا أن نُركز على تجميع هذه اللحظات الصغيرة، أن نُدرك قيمة التفاصيل البسيطة، ونُقدر اللحظات الجميلة التي تُحيطُ بنا. فالسعادة ليست هدفًا بعيدًا منالًا، بل هي مجموعةٌ من اللحظات الجميلة التي نخلقها أنفسنا بكلّ يوم.
لذلك، دعونا نتوقف لحظةً، ونُعيد تقييم حياتنا، ونُركز على تجميع “النملات” الصغيرة من الفرح، حتى نُكوّن شجرة عملاقة من السعادة والرضا. شاركوا معي بعض لحظاتكم السعيدة، ما هي “النملات” التي تُشكّل شجرة سعادتكم؟ لنُلهم بعضنا البعض، ولنُشارك في بناء عالمٍ أكثر سعادةً وطمأنينةً. فالسعادة ليست ترفًا، بل هي حقٌّ لنا جميعًا، ونستحقّ أن نُحيط أنفسنا بها، يومًا بعد يوم.
Photo by Jasmin Chew on Unsplash