كم مرة شعرتَ بسعادةٍ غامرةٍ بعدَ تقديمكِ خدمةً صغيرةٍ لشخصٍ ما؟ أو كم مرةٍ غمرتْكَ كلماتُ شكرٍ صادقةٌ من شخصٍ مقرّب؟ الشكر، أليس هو ذلك الشعورُ الدافئُ الذي يملأُ القلوبَ ويُضيءُ الوجوهَ؟ إنه أكثرُ من مجردِ كلماتٍ، إنه مُجسّدٌ للجميلِ، معبّرٌ عن التقديرِ العميقِ، وأحدُ أهمّ ركائزِ العلاقاتِ الإنسانيةِ السليمةِ. نحنُ في حياتنا اليومية، نسعى جاهدين لتحقيقِ أهدافنا، وننسى في كثيرٍ من الأحيانِ أن نُقدّرَ ما لدينا، وما يقدّمهُ الآخرونَ لنا من دعمٍ معنويٍ أو ماديٍّ. ولكن، عندما نتوقفُ للحظةٍ لنُدركَ النعمَ التي حولنا، ونُعبّرُ عن امتناننا، نكتشفُ جمالاً يُغيّرُ من نظرتنا للحياةِ بشكلٍ جذريّ. فالشكر ليس مجردُ واجبٍ اجتماعي، بل هوَ ممارسةٌ يوميةٌ تُثري حياتنا وتُشعِرها بالسعادة والرضى.

الامتنانُ طائرٌ غريب، يغردُ ألوانًا ثمَّ يختفي.

هذا القولُ الجميلُ يُجسّدُ بدقةٍ طبيعةَ الشكر. فهوَ كالطائرِ الغريبِ، يُفاجئُنا بجمالِ غِنائهِ المُتَنوّعِ، بألوانهِ الزاهيةِ، ثمّ يختفي. فالشكرُ مُتَقَلّبٌ، يأتي في لحظاتٍ غير مُتوقّعة، يُشعِرنا بسعادةٍ عارمةٍ، ثمّ يختفي لنفكرَ في كيفية تجديده، كيفية إبقاءِ هذا الشعور الدافئِ حاضراً في حياتنا. فقد نُقدّمُ الشكرَ لشخصٍ ما على خدمةٍ قامَ بها، فنُشعرُهُ بالتقديرِ، ونُحسّنُ علاقتنا به، لكنّ هذا الشكرَ يختفي بعدَ ذلك، لِيعودَ في مواقفَ أُخرى. ولكن، على الرغمِ من اختفائه، يبقى أثرهُ واضحاً في القلوبِ والأرواحِ، ويُحفّزنا على التعبيرِ عن الامتنانِ دائماً. تخيّلوا مثلاً الشعور عندَ شكر والديكم على تربيتهما الحكيمة، أو شكرِ صديقٍ على وقوفهِ بجانبكِ في أوقاتِ الصعوبة. هذه اللحظاتُ كالشكر نفسهُ، مُميّزةٌ وجميلةٌ، لكنها سرعان ما تَمرّ.

لذا، دعونا نُدركَ أهمّيةَ التعبيرِ عن الشكرِ بصدقٍ وإخلاصٍ، في كُلّ موقفٍ يُتيحُ لنا ذلك. لنُقدّرَ النعمَ التي مُنّ اللهُ عَلَينا بها، ولنُعبّرُ عن امتناننا لمن يُحيطُونَ بنا. إنّ ممارسةَ الشكرِ يومياً، سواءٌ بالتعبيرِ الشفويّ أو الكتابيّ أو بإيماءاتٍ صغيرة، ستُغيّر من حياتنا بشكلٍ إيجابيّ، وستُضيفُ إليها جمالاً ودفئاً. خذوا بعضَ الوقتِ اليومَ للتفكيرِ في جميعِ الأشياءِ التي أنتم مُمتنّونَ لها، واكتبوا قائمةً بها، أو شاركوها مع أحبابكم. دعونا نجعلَ من الشكرِ عادةً يوميةً، فنُغيّرُ من أنفسنا ومن حياتنا إلى الأفضل.

Photo by Valentin Petkov on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top