كم مرةً شعرتَ بتلك الوخزةِ اللطيفةِ في قلبكِ، تلك الرغبةَ الغامرةِ في مساعدةِ من حولك؟ كم مرةً وجدتَ نفسكَ تتفهمُ مشاعرَ شخصٍ ما، حتى وإنْ اختلفتْ تجربتكِ عن تجربته؟ هذا الشعور، هذا الحنينُ الخفيّ، هذا هو التعاطف. ليس مجردَ قولِ “أنا أفهمك”، بل هو تجاوزُ حدودِ الذاتِ لفهمِ الآخرِ، شعوره، آلامه، وأفراحه. في زحمةِ حياتنا اليومية، بينَ ضغوطِ العملِ والمسؤولياتِ العائلية، غالباً ما ننسى أن نُخصِّصَ وقتاً للتفكيرِ في مشاعرِ من حولنا. لكنّ الانتباهَ إلى تفاصيلِ حياةِ الآخرين، سماعَ قصصهم، ومشاركتهمِ آلامهم يُغني حياتنا ويُضفي عليها معنىً أعمق. فالتعاطفُ ليسَ ضعفاً، بل هو قوةٌ تُنمّي روحنا وتُقوّي روابطنا الاجتماعية.
أجنحةٌ خفيفةٌ تحملُ رقصَ النجوم، هكذا هي التعاطف.
هذا البيتُ الشعريّ يُجسّدُ جوهرَ التعاطفِ ببراعةٍ. فالتعاطفُ كأجنحةٍ خفيفةٍ، لا تُثقِلُنا، بل تُمكّنُنا من الارتفاعِ فوقَ صعوباتِ حياتنا وحياةِ الآخرين. يرقصُ النجومُ في سماءِ قلوبنا عندما نتواصلُ مع معاناةِ الآخرين بإحساسٍ صادقٍ، عندما نُظهرُ لهم أننا نراهم، نسمعهم، ونفهمهم. تخيلوا شخصاً يعاني من مرضٍ ما، أو شخصاً فقدَ عزيزاً عليه. التعاطفُ في هذهِ الحالاتِ ليسَ مجردَ كلماتٍ مُعزية، بل هو وقفةٌ صادقةٌ، سماعٌ صامتٌ، وعرضٌ للدعمِ الملموس. هو التخفيفُ من أعباءِ الآخرين، بقدرِ استطاعتنا، حتى وإنْ كانَ ذلكَ بإعطائهمِ مجردَ كتفٍ للبكاءِ.
لننتهي إلى أن التعاطف ليس مجرد شعور، بل هو فعل. هو اختيارٌ يوميّ لنكون أكثرَ وعياً بمن حولنا، أكثرَ استعداداً للمشاركةِ في أحزانهمِ وأفراحهم. إنه جسرٌ يُصلُ بينَ القلوب، ويُعززُ روابطَ الصداقةِ والحب.
دعونا نُعيدَ التفكيرَ في مواقفنا اليومية، ونُحاولَ أن نكونَ أكثرَ تعاطفاً مع من يُحيطونَ بنا. هل استطعنا اليوم أن نُظهرَ لشخصٍ ما أننا نفهمُ موقفَه؟ شاركوا قصصكم وتجاربكم في التعاطف، لعلّها تُلهمُ الآخرينَ لتبنيّ هذا السلوكِ الجميل. فالتعاطفُ ليسَ مجردَ فضيلةٍ، بل هو أساسٌ لإقامةِ علاقاتٍ إنسانيةٍ صحيةٍ ومُزدهرةٍ. فلتكن أجنحةُ تعاطفنا خفيفةً، تحمل رقصَ النجومِ في قلوبنا وقلوب من نحب.
Photo by Clarisse Meyer on Unsplash