كم من مرة شعرتَ بِثقلٍ على صدرك، ليس ثقلَ همٍّ شخصيّ، بل ثقلُ همومِ الآخرين؟ كم مرة لاحظتَ حزنًا في عيونِ صديقٍ، أو ألمًا مكتومًا في كلماتِ قريبٍ، وشعرتَ برغبةٍ ملحةٍ في التخفيفِ عنه؟ هذه المشاعرُ، هذه الرغبةُ في فهمِ معاناةِ الآخرين ومشاركتهمِ أحزانهم، هي جوهرُ التعاطف، تلكَ الصفة الإنسانيةِ النبيلة التي تُضيءُ دروبَ حياتنا وتُغنيها. في زحمةِ الحياةِ اليومية، وسطَ ضجيجِ المسؤولياتِ والواجبات، يُصبحُ التعاطفُ بمثابةِ منارةٍ تُرشدُنا إلى معنىِ الإنسانية الحقيقيّة، إلى بناءِ علاقاتٍ أعمق وأكثرَ تماسكًا. هو ليس مجردُ تفهّمٍ عابرٍ، بل هو شعورٌ صادقٌ يُترجَمُ إلى أفعالٍ ملموسةٍ تُسهمُ في بناءِ مجتمعٍ أكثرَ رحمةً وتسامحًا.
أجنحةٌ خفيفةٌ تحملُ عتمةَ آخرين.
هذا البيتُ الشعريّ البديعُ يُجسّدُ جوهرَ التعاطفِ بِصورةٍ مُدهشة. “أجنحةٌ خفيفةٌ” تُشيرُ إلى سهولةِ تقديمِ العونِ والمساعدة، إلى البساطةِ التي قد تُخفي وراءها قوةً هائلةً في التغيير. لكن هذه الأجنحةَ تحملُ “عتمةَ آخرين”، أي أنها تتحملُ أعباءَ آلامِ ومعاناةِ الآخرين، تُشاركهم أحزانهم وتُخففُ من وطأةِ مآسيهم. وهذا لا يعني أن نتحمّلَ كلّ أعباءِ العالم، بل يعني أن نكونَ حاضرينَ عندما يحتاجُ إلينا من حولنا، أن نمدّ إليهمَ يدَ العونِ والمساندة، بكلّ ما نملك من قوةٍ وطاقةٍ.
فكّر، على سبيل المثال، في صديقٍ يعاني من مرضٍ ما، أو قريبٍ يمرّ بِفترةٍ صعبةٍ في حياته. التعاطفُ ليس مجردَ تقديمِ كلماتِ تعزيةٍ عابرة، بل هو الاستماعُ بِانتباهٍ، والسؤالُ بِإخلاصٍ، والوقوفُ بِجانبه دونَ انتظارِ أيّ مقابل. هو أن تشعرَ بِألمهِ كأنهُ ألمُك، وان تبذلَ جهدكَ لمساعدتهِ على تجاوزِ هذه المرحلةِ الصعبة. قد يكونُ الأمرُ بسيطًا كَتقديمِ كوبٍ من الشاي، أو الاستماعِ إلى همومهِ دونَ مقاطعة، أو حتى مجردَ رسالةٍ نصيةٍ مُعبرةٍ عن اهتمامكَ به.
لنتذكر دائماً أن التعاطف ليس ضعفاً، بل هو قوةٌ إنسانيةٌ عظيمةٌ. إنه مفتاحُ بناءِ علاقاتٍ صحيةٍ، ومجتمعٍ متماسكٍ، وعالمٍ أكثرَ عدلاً ورحمة. فلتخصصوا بعض الوقت للتأمل في هذا المفهوم العميق، شاركوا أفكاركم حول كيفية تعزيز التعاطف في حياتكم وفي مجتمعكم، و دعونا نسعى جميعاً لبناء عالمٍ يَزخرُ بالتعاطف والحنان.
Photo by Pawel Czerwinski on Unsplash