كم مرة وجدت نفسك تتساءل عن ما يدور في عقل شخص ما؟ كم مرة شعرت بتلك الضربة الخفيفة في قلبك، إحساس غريب يربطك بشخص لا تعرفه، أو حتى بموقف لم تعشه؟ هذه هي لحظات التعاطف، تلك اللحظات التي نخرج فيها من أنفسنا، لنلمس ولو قليلاً، مشاعر الآخرين، آلامهم، أفراحهم. في زحمة الحياة اليومية، وسط ضغط العمل والمسؤوليات، ننسى أحياناً أن ننظر إلى من حولنا، ننسى أن نستمع بقلوبنا، لا بآذاننا فقط. التعاطف ليس مجرد كلمات جميلة، بل هو جسر يربطنا ببعضنا البعض، هو قوة خفية تُضيء دروبنا وتُنعش علاقاتنا. هو بمثابة قطرة ماء في صحراء الجفاف العاطفي، يروي ظمأ القلوب ويشفي جراح النفوس. هل تساءلت يوماً عن قوّة هذه القوة الخفية، وقدرتها على تغيير العالم من حولنا؟

أجنحة فراشة، تحمل أسرارَ عيونٍ غامضة.

تخيل أجنحة فراشة رقيقة، تحمل ألواناً زاهية وأشكالاً بديعة. هذه الأجنحة، في هذا البيت الشعري، رمزٌ دقيقٌ للتعاطف. فهي تحمل “أسرارَ عيونٍ غامضة”، أي أنها تحمل في طياتها مشاعر عميقة، وأحاسيس خفية، يصعب على من لا يتصف بالتعاطف أن يراها أو يفهمها. فكل عين تحمل قصة، كل نظرة تحمل معنى، وكل إنسان يحمل في قلبه عالماً من المشاعر. ولكن، بفضل التعاطف، يمكننا أن “نقترب” من هذه العيون الغامضة، أن نرى وراء القناع، وأن نفهم ما لا يُقال بالكلمات. مثلما نلاحظ تفاصيل دقيقة على أجنحة الفراشة، نحتاج إلى التركيز والانتباه لفهم الآخرين، لنرى ما وراء أقوالهم وأفعالهم.

مثلاً، يمكنك أن ترى شخصاً يبدو هادئاً من الخارج، لكن بتعاطفك معه، ستكتشف ربما أنه يحمل همومًا ثقيلة في داخله. أو قد ترى شخصاً يبدو غاضباً، لكن بمحاولة فهم دوافعه، قد تجد أن وراء غضبه جرح عميق يحتاج للشفاء. التعاطف ليس موافقةً على كل تصرف، بل هو فهمٌ للظروف والأسباب التي تقف وراءها. هو القدرة على الوقوف مكان الآخر، ولو للحظة، للتفكير من منظوره، والشعور بما يشعر به.

لنعد إلى جوهر التعاطف: هو ليس ضعفا، بل هو قوةٌ عظيمةٌ، تُمكّننا من بناء علاقات أعمق وأكثر إنسانية. هو بمثابة ضوءٌ يرشدنا في طريق التواصل الفعّال، ويُساعدنا على بناء عالمٍ أكثر رحمةً وتفهماً.

دعونا نختم هذه الرحلة القصيرة في عالم التعاطف بتذكير أنفسنا بأهميته. خذ بعض الوقت اليوم، لتُمارس التعاطف مع من حولك، استمع بانتباه، انظر بعين القلب، وحاول فهم منظور الآخرين. شاركنا أفكارك حول هذا الموضوع، و دعونا معاً نعمل على بناء عالم أكثر تعاطفاً. فالتعاطف، ببساطة، هو الطريق إلى حياة أكثر سعادة وسلاماً لنا جميعاً.

Photo by Brandi Redd on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top