كم مرةً شعرتَ برغبةٍ جامحةٍ في فهم ما يدور في قلب شخصٍ آخر؟ كم مرةً تأثرتَ بمعاناةٍ لم تُصبكَ أنت شخصياً، إلا أنها هزّت كيّانك؟ هذا الشعور، هذا الاهتمام الصادق بحياة الآخرين وأحاسيسهم، هو جوهر التعاطف، وهو ما يجعلنا بشرًا أكثر إنسانيةً، أكثر ارتباطًا ببعضنا البعض. في زحمة حياتنا اليومية، بين ضغوط العمل والمسؤوليات العائلية، قد ننسى أحيانًا أهمية النظر إلى من حولنا، إلى أوجاعهم وآمالهم، وإلى قصصهم التي تُشكل نسيج الحياة نفسها. لكنّ تذكر هذا الجانب الإنساني، هذا القدر من العطف والتفهم، هو ما يُغني حياتنا ويُضفي عليها معنىً أعمق. ألا تُلاحظ كيف أنّ أبسط كلمةٍ طيبةٍ، أو إشارةٍ بسيطةٍ للتعاطف، تُحدث فرقاً هائلاً في حياة الآخرين؟ فالتعاطف ليس مجرد شعورٍ عابرٍ، بل هو جسرٌ يربط بين القلوب، ويُسهم في بناء علاقاتٍ صحيةٍ قائمةٍ على الاحترام المتبادل والتفاهم.
كأنّها مرآةٌ تُخبئُ نجومًا، الـعاطفةُ.
هذه الكلمات البديعة تصف لنا بصورةٍ شعريةٍ جمال العاطفة، وتحديداً التعاطف. فكأنّ قلبنا المتعاطف هو مرآةٌ تعكس جمالَ الروح الإنسانية، لكنها مرآةٌ لا تُظهر فقط ما هو ظاهر، بل تُخبئُ في أعماقها نجومًا لامعةً تُمثل الخير والرحمة والتسامح. كلّ موقفٍ نتعاطف فيه مع شخصٍ ما، كلّ كلمةٍ دافئةٍ نُقدمها، كلّ فعلٍ خيرٍ نُقدمه، هو نجمٌ يُضيء في سماء قلبنا، ويُضفي جمالاً على حياتنا وحياة من حولنا. تخيلوا، مثلاً، زميلاً يعاني من ضغطٍ عملٍ شديد، أو صديقاً يمرّ بفترةٍ صعبةٍ في حياته. بمجرد أن نُبدي تعاطفنا ومساندتنا لهم، نكون قد أضاءنا نجماً في سماء حياتهم، وساعدناهم على تجاوز محنتهم.
لا يعني التعاطف بالضرورة التضحية الكاملة بأنفسنا أو تحمل أعباء الآخرين، لكنه يعني فهم مشاعرهم واحترامها، الاستماع إليهم بصدق، وتقديم الدعم المناسب قدر الإمكان. ربما تكون هذه المساعدة عبارة عن نصيحة بسيطة، أو مجرد سماع صادق، أو حتى مجرد وجود متفهم. الأهم من كل ذلك هو النية الصادقة في تقديم العون والمساعدة، والقدرة على وضع أنفسنا مكان الآخرين وفهم ما يشعرون به.
لذا، دعونا نُعيد إلى أذهاننا قوة التعاطف في حياتنا. لنعكس جمال الروح الإنسانية من خلال أفعالنا وكلماتنا وأفكارنا. فلنغرس الرحمة والتفهم في قلوبنا، ونُضيء نجوم التعاطف في سماء حياتنا وحياة من حولنا. خذوا وقتاً للتفكير في كيف يُمكنكم زيادة تعاطفكم مع من حولكم، واكتبوا ملاحظاتكم في الأسفل لتبادل التجارب والأفكار. فالتعاطف هو مصدرٌ من مصادر السعادة الحقيقية، وهو بمثابة ثمار تُثمر حياةً أكثر معنىً وأكثر سعادةً للجميع.
Photo by Jr Korpa on Unsplash