كم مرةٍ تساءلتَ عن معنى السعادة الحقيقي؟ هل هي تلك اللحظاتُ القصيرةُ من الفرح العارم، أم أنها حالةٌ ثابتةٌ من الرضا والسكينة؟ في زحمة الحياة اليومية، بين ضغوط العمل والمسؤوليات العائلية، قد نجد أنفسنا نبحثُ عن السعادة كمن يبحث عن إبرةٍ في كومة قش. نطاردُها كالظلّ، نحاولُ الإمساك بها، لكنها تبدو دائماً بعيدة المنال. نُخططُ لرحلاتٍ، نشتري أغراضًا جديدة، نسعى لتحقيق أهدافٍ طموحة، كل ذلك على أمل أن نجد في النهاية تلك الشعلةَ التي تُضيءُ حياتنا. لكن، ألا يوجد هناك سرٌّ أعمق؟ ألا يوجد مفتاحٌ سحريٌّ يُفتحُ أبوابَ هذا العالم المشرق؟ دعونا نبدأ رحلتنا في البحث عن إجابةٍ لهذا السؤال المُهم.
السعادة: فراشةٌ ذهبيةٌ تختبئ في أَكمامِ الرياح.
هذا القولُ الجميلُ يُجسّدُ جوهرَ بحثنا عن السعادة. فالسعادة ليست شيئًا ملموسًا يمكننا الإمساك به بسهولة، بل هي كفراشةٍ ذهبيةٍ رقيقة، تتلألأُ ثم تختفي بسرعة بين ثنايا الرياح. قد نراها لحظةً، ثم تفلت منا، لكن هذا لا يعني أنها غير موجودة. فالفراشة موجودة، لكنها تحتاجُ منا إلى الصبر والبحث الدقيق.
ما الذي يعنيه هذا التشبيه؟ إنه يعني أن السعادة ليست غايةً نهائيةً نصلُ إليها في يومٍ ما، بل هي رحلةٌ مستمرةٌ، تتطلبُ منا الانتباه للتفاصيل الصغيرة، لللحظاتِ الجميلةِ التي قد نغفلُ عنها في انشغالنا. الابتسامةُ الصادقةُ من طفلٍ، رائحةُ المطرِ بعدَ جفافٍ طويل، محادثةٌ مُفيدةٌ مع صديقٍ عزيز، كلها لحظاتٌ صغيرةٌ تحملُ في طياتها تلك الفراشة الذهبية. إنها لا تظهرُ إلا لمن يبحث عنها بقلبه، لمن يُقدرُ قيمةَ اللحظات البسيطة، ولمن يتعلمُ أن يفرحَ بما لديه بدلاً من التلهف لما هو بعيد. السعادةُ ليست غايةً بحد ذاتها، بل هي طريقةٌ في الحياة.
في النهاية، السعادةُ ليست هدفاً بعيد المنال، بل هي مزيجٌ من الرضا عن الذات، والامتنان لما نملك، والبحث عن الجمال في كل مكان. فكرْ في اللحظاتِ التي شعرتَ فيها بالسعادة الحقيقية، حاول أن تَستذكرَ ما الذي جعلها مميزةً، وما هي العوامل التي ساهمت في خلق تلك اللحظة السعيدة. شارك هذه الأفكار مع أحبائك، وابدأ رحلتك في البحث عن فراشتك الذهبية الخاصة بك، فإنها تُنتظرك في زوايا قلبك، وفي كل لحظةٍ من حياتك. لا تدعها تهرب منك.
Photo by David Clode on Unsplash