كم من مرة شعرتَ برنين صامتٍ في قلبك، فهم عميق لمشاعر الآخر دون الحاجة لكلمات؟ ربما رأيتَ الحزن يتسلل إلى عيون صديق، أو الفرح يتراقص على وجه غريب. في تلك اللحظات، تتجاوز الكلمات، وتتواصل القلوب بلغة خاصة، لغة لا تحتاجُ إلى ترجمة، لغة التعاطف. نحنُ، في زحمة حياتنا اليومية، غالباً ما نغفل عن هذه اللغة الرائعة، منشغلون بأشغالنا ومشاغلنا، نسارعُ الخطى دون أن نلتفت إلى من حولنا، إلى قصصهم وآلامهم، إلى احتياجاتهم الصامتة. لكنّ التعاطف، ببساطة، هو جسرٌ يربط بين القلوب، هو نورٌ يُضيء دروبَ من يعانون، هو قوةٌ تُغيّرُ العالم من حولنا، ولو بلمسةٍ بسيطة. فهل فكرنا يوماً كيف يمكننا تفعيل هذا الجسر، وكيف نستطيع أن نسمعَ تلك اللغة الصامتة؟
كأنّ العيون تُمطرُ ألوانًا سريةً، فهمٌ صامتٌ.
هذه الجملةُ البسيطةُ تحملُ في طياتها عمقاً كبيراً. تخيلوا معي عيونَ شخصٍ ما، عيونٌ تعكسُ مشاعره الأعمق، حزنه، فرحه، خوفه، أمله. هذه الألوان السرية، التي لا تُرى إلاّ بعينٍ قادرةٍ على التعاطف، هي لغةٌ صامتةٌ تُخبرُنا بكثيرٍ مما لا تستطيع الكلماتُ التعبير عنه. ربما نظرةٌ حزينةٌ تُظهرُ حاجةً للدعم، أو ابتسامةٌ خفيفةٌ تُشيرُ إلى انتصارٍ صغير. إنّ قدرتنا على فهم هذه اللغة، على فكّ شفرةِ عيونِ الآخرين، هي جوهرُ التعاطف، وهي مفتاحُ علاقاتٍ أكثرَ عمقاً ودفئاً. فالتعاطف ليس مجرد شفقة، بل هو فهمٌ عميقٌ لما يشعر به الآخر، ووضع نفسك مكانه، والسعي لإيجاد حلول مناسبة، أو حتى مجرد نصيحة دافئة مُخلصة.
وختاماً، دعونا نُدرك قوةَ التعاطف في حياتنا، ولنُحاول أن نُحسّن قدرتنا على فهم لغةِ العيون الصامتة. فلنُمارس التعاطف يومياً، سواءً مع أفراد عائلتنا، أصدقائنا، زملائنا، أو حتى الغرباء. أخذ لحظة للتفكير في مشاعر الآخرين، والاستماع بصدق، وتقديم الدعم المناسب، كلها أفعالٌ تُعزز التعاطف وتُقوّي روابطنا الاجتماعية. شاركونا أفكاركم وتجاربكم في التعليقات، فالتعاطف قيمةٌ إنسانيةٌ نبيلةٌ، يستحقُ أن نُكرّسَ وقتاً للتفكير فيها وإثرائها. فبالتعاطف، نُبني عالمًا أكثر سلاماً وإنسانية.
Photo by Mae Mu on Unsplash