هل سبق لك أن شعرتَ بالضياع؟ كأنّكَ تسيرُ في متاهةٍ لا نهاية لها، تائهٌ بين توقعات الآخرين وأحلامكَ المُتضاربة؟ هل وجدتَ نفسكَ تتخذ قراراتٍ لا تُشبهك، أو تُحاولُ أن تكون شخصًا لستَ به؟ جميعنا يُعاني، في مراحلٍ مختلفةٍ من حياته، من هذا الشعور بالتيه في متاهات الذات. رحلةُ البحثِ عن الذات ليستَ سباقًا نحو هدفٍ مُحدد، بل هي رحلةٌ استكشافيةٌ مُمتعة، تُساعدنا على فهم أنفسنا بشكلٍ أعمق، والتعرف على قيمنا، وطموحاتنا، ومواهبنا الحقيقية. إنّها رحلةٌ تُنمي ثقتنا بأنفسنا، وتُعزز قدرتنا على اتخاذ القرارات الصائبة، وبناء حياةٍ مُرضية. ولكن من أين نبدأ؟ كيف نُنيرُ هذا الطريق المُظلم؟
كأنّكَ تُعيدُ بناءَ قلعةٍ من رملٍ، حبةً حبةً، لتكتشفَ مَن أنتَ.
هذا التشبيهُ البسيطُ يُجسّدُ ببراعةٍ رحلةَ المعرفةِ الذاتية. بناء قلعةٍ من الرمل عملٌ شاقّ، يتطلبُ صبرًا وجهدًا ومُثابرةً. كلّ حبةٍ رملٍ تُمثّلُ خطوةً صغيرةً في رحلتنا نحو اكتشاف أنفسنا. قد نُواجهُ صعوباتٍ وتحدياتٍ خلال هذه الرحلة، قد تُنهارُ أجزاءٌ من القلعة، لكنّ المُهمّ هو الاستمرارُ في البناء، حبةً حبةً. كلّ تجربةٍ نمرّ بها، كلّ درسٍ نتعلمه، كلّ خطأٍ نرتكبه، كلّ نجاحٍ نحققه، كلّها حباتُ رملٍ تُساهمُ في بناء شخصيتنا وتُشكلُ هويتنا. قد نحتاجُ إلى الاستعانةِ بأدواتٍ مُساعدة، مثل التأمل، أو قراءة الكتب، أو البحث عن مُرشدٍ روحي، أو حتى ببساطة مُشاركة مشاعرنا مع أحبابنا.
لكن الأهم من كل هذا هو التأمل في كل حبة رمل. لا تتسرع في بناء القلعة، خذ وقتك لتعرف ماهية كل حبة، وما تمثله في حياتك. هل هي تجربة سعيدة، أم محبطة؟ هل هي علاقة قوية، أم علاقة مؤلمة؟ كل تلك التجارب هي التي تُشكل من أنت. لا تحاول بناء قلعة مثالية، فحتى القلاع الرملية الأكثر جمالاً تُهدمها الأمواج في النهاية. المهم هو رحلة البناء، والتعلم من كل تجربة، والاستمتاع بالرحلة نفسها.
في النهاية، رحلةُ المعرفةِ الذاتية ليستَ مسابقةً أو سباقًا نحو الكمال، بل هي رحلةٌ مُستمرةٌ من الاستكشاف والنموّ. رحلةٌ تُساعدنا على قبول أنفسنا كما نحن، بمَحاسنِنا ونقائصِنا، ونُعززُ ثقتنا بأنفسنا وقدرتنا على تغيير حياتنا إلى الأفضل. أخذ وقتك للإجابة على سؤال: “مَن أنا؟” هو أولُ خطوةٍ في هذه الرحلة. ابدأ بالتأمل، شارك أفكاركَ مع الآخرين، واستمتع بكلّ حبةٍ رملٍ في بناء قلعةِ ذاتك.
Photo by Susan Wilkinson on Unsplash