كم مرةٍ شعرتَ بأنّ الحياةَ تسيرُ بسرعةٍ هائلةٍ، تَجرُّكَ معَ تيارها دونَ أن تُعطيكَ فرصةً للتنفس، للاستمتاعِ بلحظاتٍ بسيطةٍ، لحظاتٍ تُشعِرُكَ بالرضا والسعادة؟ نحنُ نُلاحقُ الأحلامَ الكبيرةَ، النجاحاتِ الباهرة، ونتناسى أحياناً تلكَ اللحظاتِ الصغيرةَ، التفاصيلَ الدقيقةَ التي تُكوّنُ نسيجَ سعادتنا الحقيقية. هل فكّرنا يوماً في أنّ السعادةَ ليستْ هدفاً بعيداً يصعبُ بلوغهُ، بل هيَ مجموعةٌ من الخياراتِ الصغيرةِ، القراراتِ اليوميةِ التي نتخذها، والنظرةُ الإيجابيةُ التي نُحدّقُ بها إلى الحياةِ؟ هل نُدركُ قيمةَ اللحظاتِ الجميلةِ، أم نسمحُ لها بالانزلاقِ من بينِ أيدينا كَالرملِ الناعمِ؟ دعونا نتأمّلَ معاً في مفهومِ السعادةِ، ونكتشفَ سبلَ الوصولِ إليها.
سعادتكَ نجمةٌ ساقطةٌ، التقطها قبل أن تُصبح ترابًا.
هذا القولُ الجميلُ يُلخّصُ بِإيجازٍ جوهرَ ما نناقشه. سعادتنا ليست شيئاً ثابتاً، بل هيَ لحظاتٌ سريعةٌ، فرصٌ عابرةٌ. كالنجمةِ الساقطةِ، تُضيءُ سماءَ حياتنا بِلمعانٍ ساطعٍ لبرهةٍ من الزمن، ثم تختفي. ولكن، بإمكاننا أن نُمسكَ بها، أن نُدركَ وجودها، أن نُقدرها، قبل أن تُصبحَ ذكرياتٍ باهتةً، ترابًا ينسابُ بينَ أصابعنا. فكرْ في تلكَ اللحظةِ التي ضحكتَ فيها من أعماقِ قلبك، أو تلكَ التي شعرتَ فيها بالامتنانِ العميقِ، أو تلكَ التي جمعتكَ بِأحبابكَ. هذهِ اللحظاتُ هي نجماتُكَ الساقطة، اغتنمها، احفظها، واجعلْها وقوداً يُضيءُ دروبكَ.
لعلّ ممارسةَ التمارينِ الرياضيةِ، قضاءَ وقتٍ معَ العائلةِ والأصدقاءِ، قراءةُ كتابٍ مُمتع، أو حتى الاستماعُ إلى موسيقى هادئة، تُمثلُ بعضَ هذهِ النجومِ الساقطةِ. لا تُهمِلْها، بل ابحثْ عنها، خُذْ زمامَ المبادرةِ في خلقِ لحظاتِ سعادةٍ خاصةٍ بكَ. لا تنتظرُ السعادةَ أن تأتي إليك، بل اذهبْ إليها.
في الختام، تذكّر دائماً أنّ السعادةَ ليستْ هدفاً بعيدَ المنالِ، بل هيَ مجموعةٌ من اللحظاتِ الصغيرةِ، الاختياراتِ الواعيةِ. استغلّ كلّ فرصةٍ لإحياءِ هذهِ اللحظات، واغتنمْ كلّ نجمةٍ ساقطةٍ قبل أن تُصبحَ ترابًا. شاركنا بعضَ لحظاتِ سعادتكَ، وَدعْنا نستلهمَ من تجاربِ بعضنا بعضاً. فالسعادةُ مُعدية، وانتشارُها يُضفي على حياتنا كلّها معنىً أعمقَ وأجمل.
Photo by Christopher Burns on Unsplash