كم مرةً شعرنا بثقلٍ على صدورنا، وكأنّ الحياة تُرهقنا بأعبائها؟ كم مرةً تمنى كلٌّ منّا لو وجد مفتاحاً سحرياً يُفتحُ أبوابَ السعادةِ ويدخلُ الفرحَ إلى قلوبنا؟ نبحث عنها في الأشياء المادية، في العلاقات، في النجاحات، لكن السعادة، أعزائي، ليست وجهةً نصلُ إليها، بل رحلةٌ نُسافرُ فيها، مُتجولين بين لحظاتٍ صغيرةٍ تُضيءُ طريقنا. هي ليست هدفًا بعيدًا المنال، بل مجموعةٌ من التجارب والمشاعر التي نُخلقها بأنفسنا، من خلال اختياراتنا وأفكارنا وعاداتنا اليومية. قد نجدها في لحظةٍ هادئةٍ مع فنجان قهوة، أو في ضحكةٍ صادقةٍ مع الأحبة، أو في إنجازٍ بسيطٍ يُشعِرُنا بالإنجاز. السعادة ليست رفاهية، بل حقٌّ يجبُ أن نُطالِبَ به لأنفسنا، ونُسهم في إيجاده لدى الآخرين.
ضحكةٌ طفلةٌ، تُزهرُ في قلبٍ شاحبٍ.
هذا البيت الشعريّ يُجسّدُ جوهرَ ما نتحدثُ عنه. فكّرْ قليلاً، ما الذي يجعلُ قلبكَ يُشرقُ من جديد؟ أليسَ الضحكةُ الطفوليةُ البريئةُ قادرةً على إذابةِ أشدّ الأحزانِ صلابةً؟ حتى في أشدّ أوقاتِ الحزنِ والضيق، تظلّ هناك شرارةٌ أملٍ داخلنا، شرارةٌ تُمكنُنا من إعادة البناء، ومن إيجادِ سببٍ للبسمة. تخيلوا طفلاً يضحك، براءةُ ضحكته تُذيبُ الجليدَ في القلب، وتُعيدُ الحياةَ إليه. هذه الضحكةُ هي رمزٌ للسعادةِ البسيطةِ، السعادةُ التي لا تحتاجُ إلى شروطٍ أو مقوماتٍ ماديةٍ، بل إلى قلبٍ مُتفتحٍ للبراءةِ والأمل. هذا ما يُمكننا التعلّمُ منه.
كيف نزرعُ هذه “الضحكة الطفولية” في قلوبنا؟ بالتسامح، بالعفوية، بقبولِ الذات، بالتواصلِ مع الطبيعة، وحتى بإعادةِ اكتشافِ هواياتٍ قديمةٍ نسيناها. بإعطاء أنفسنا الوقت الكافي للاسترخاء والتأمل، وبالتخلّي عن التوقعات المبالغ فيها. إنّ إعادةَ إحياءِ الطفلِ الداخليّ في قلوبنا هو أحدُ أهمّ مفاتيحِ السعادة.
في النهاية، السعادةُ ليست حالةً ثابتةً، بل هي رحلةٌ مستمرةٌ تحتاجُ إلى وعيٍ وإرادةٍ منّا. دعونا نُعيدَ اكتشافَ براءةِ الطفولةِ في أنفسنا، ونُفتحُ قلوبَنا للسعادةِ البسيطةِ التي تحيطُ بنا. شاركوا معي أفكاركم حول ما يُشعِركم بالسعادة، فلنُبنيَ معاً مجتمعاً أكثرَ فرحاً وإشراقاً. فالسعادة ليست هدفًا، بل أسلوب حياة.
Photo by Alexander Grey on Unsplash