هل سبق لك أن شعرتَ بوجعٍ ما في قلبك، وجدتَ نفسكَ تفهمُ معاناةَ شخصٍ آخر، ولو لم تُشاركَهُ نفسَ التجربة؟ هل لاحظتَ كم من مرةٍ صغيرةٍ تُغيرُ كلمةٌ طيبةٌ، أو إشارةٌ بسيطةٌ، من حالِ شخصٍ ما؟ هذا هو التعاطف، ذلك الشعور العميق الذي يربطُ بيننا كبشر، يتجاوزُ حدودَ اللغة والثقافة والاختلافات، ليُرسّخَ رابطاً إنسانياً قوياً. في زحمة حياتنا اليومية، بين ضغوطِ العمل والمسؤوليات العائلية، قد ننسى أحياناً أهميةَ التعاطف، ونُركزُ على أنفسنا فقط. لكن، تذكر أنَّ القدرة على فهم الآخرين، ومشاركة مشاعرهم، هي جوهرُ الإنسانيةِ، ومفتاحُ بناءِ علاقاتٍ صحيةٍ وسعيدةٍ. فالتعاطف ليس مجردَ مشاعرِ لطفٍ عابرة، بل هو موقفٌ إيجابيٌّ يُغيّرُ من واقعنا ومن واقع من حولنا.
***
أجنحة فراشة، تحمل همسَ أسرارٍ غريبة.
***
هذا البيت الشعريّ الجميل يُشبهُ التعاطفَ بأجنحةِ فراشةٍ رقيقةٍ، تحملُ في طياتها أسراراً غريبةً. فكأنَّ كلَّ شخصٍ لديهُ عالمٌ داخليٌّ غنيٌّ بالمشاعر والتجارب، أسرارٌ قد لا نراها بالعين المجردة، لكنَّها موجودةٌ، وتُؤثّرُ بشكلٍ كبيرٍ في حياته. التعاطفُ هو القدرةُ على “سماعِ همسِ” هذه الأسرار، على فهمِ الدوافعِ الخفيةِ وراءِ أفعالِ الآخرين، وحتى سلوكياتهم التي تبدو غريبةً في بعض الأحيان. مثلاً، قد نجدُ شخصاً سريعَ الغضب، فبدلاً من حكمهِ بسرعة، نتعاطفُ معه، ونحاولُ فهمَ الأسبابِ التي تدفعهُ للتصرفِ بهذه الطريقة. ربما يعاني من ضغوطٍ نفسيةٍ، أو يمرُّ بمرحلةٍ صعبةٍ في حياته. هنا يكمنُ جوهرُ التعاطف، فليس مجردَ التعاطفِ مع مشاعرِ السعادةِ، بل هو أيضاً التفهمُ للمشاعرِ السلبيةِ، كالحزنِ والخوفِ والغضب.
بالتعاطف نُبني جسورًا من التفاهم، نُساعدُ الآخرين على التعبير عن أنفسهم، ونُخلقُ بيئةً أكثرَ ودًّا وإيجابيةً.
***
في الختام، يُذكّرنا التعاطفُ بأهميةِ الاهتمامِ بمن حولنا، وبقدرةِ فهمِ الآخرين على تغييرِ حياتنا وحياةِ الجميع. أجنحةُ الفراشةِ الرقيقةِ تحملُ في طياتها أسراراً غريبةً، لكنَّها أسرارٌ تستحقُ الاستماعَ والفهمَ. دعونا نُمارسُ التعاطفَ كلَّ يومٍ، ونُحاولُ فهمَ من حولنا، ونُشاركُهم مشاعرهم. خذوا وقتاً للتأملِ في موقفٍ مررتُم به مؤخراً، وحاولوا النظرِ إليهِ من منظورِ الآخر، شاركونا أفكاركم في التعليقات. لنُبني معاً عالمًا أكثرَ تعاطفاً وإنسانيةً.
Photo by Sigmund on Unsplash