كم من مرة وقفتَ متأملًا في مشهدٍ طبيعيٍّ، شعرتَ فيه بسلامٍ غامرٍ يغمرُ قلبك؟ هل لاحظتَ كيف يُهدّئُ صوتُ الأمواجِ ضجيجَ أفكارك، وكيف تُعيدُكَ رائحةُ التّرابِ الرّطبِ إلى طفولتك البريئة؟ نحن، في زحمة حياتنا اليومية، ننسى أحيانًا أن نُقدّرَ تلك الكنوز التي تُحيطُ بنا، تلك اللوحة الفنية العظيمة التي رسمتها يد الخالق، وهي طبيعتنا الخلابة. من غاباتٍ مُورقةٍ إلى جبالٍ شامخة، ومن بحارٍ واسعةٍ إلى صحارٍ شاسعة، تُخبئُ لنا الطبيعةُ أسرارًا لا تُحصى، وتُهدي لنا هدايا لا تُقدر بثمن، بدءًا من الهواء النّقيّ الذي نتنفسه، وحتى الطاقة الإيجابية التي تُشعِرُنا بالراحة والسكينة. فكّرْ فقط في تلك اللحظات السعيدة التي قضيتها وسط أحضان الطبيعة، ستجدُ أنّها من أجمل ذكرياتك، أليس كذلك؟
سرٌّ يَحكيّهُ نَهرٌ مِنْ ضَوءٍ، نَظْرةٌ تُزْهِرُ الصَّخْرَ.
هذا القولُ البديعُ يُجسّدُ جمالَ التّفاعلِ بين عناصر الطبيعة، وبين تأثيرِ الإنسانِ المُراقبِ على تلكَ العناصر. فالنّهرُ من ضوءٍ، ربما هو شلالٌ متلألئٌ يُضيءُ بمُنَظرِهِ الباهر، أو هو ضوءُ الشمسِ الساقطُ على مياهِ نَهرٍ هادئ، يُحكي لنا سرًّا من أسرارِ الكونِ، سرًّا من جمالِ الخلقِ وتناسُقه. أما النظرةُ التي تُزهرُ الصخرَ، فهي تعكسُ تأثيرَ الإنسانِ المُتأملِ على الطبيعةِ الجامدةِ، فالإنسانُ بإدراكهِ ووعيهِ يُضيفُ بعدًا آخرَ لجمالِ الطبيعة، تمامًا كما تُضيفُ النّظرةُ المُحِبّةُ حيويةً وجمالًا للحياةِ نفسها.
تأملوا مثلاً في شجرةٍ عتيقةٍ وقفتْ شامخةً عبرَ السنين، تُحكي قصّتها في طياتِ قشرتهاِ المُتّشقّقة، وتُهدي ظلالَها لِلمُتعبين. أو في زهرةٍ برّيةٍ تُزهرُ في أصعبِ الظروف، مُنيرةً المكانَ بلونهاِ الزاهي. تلكَ هي الطبيعةُ في أبهى صورها، تُعلّمنا الصبرَ، والإِصرارَ، والجمالَ في بُساطةِ الأمور. فكلٌّ منّا يُمكنُهُ أن يُضيفَ لمسةً من الجمالِ إلى هذهِ اللوحةِ العظيمة، بإحترامِهِ لِلتّوازنِ البيئيّ، وبحِفْظِهِ لِمُكوّناتِها.
إنّ التّأملَ في جمالِ الطبيعة، والإستماعَ إلى ما تُحكيّهُ مِنْ أسرارٍ، هو مِنْ أفضلِ الطُّرقِ لِلتّخلّصِ مِنْ ضغوطِ الحياةِ اليومية، ولِإِيجادِ السّلامِ الدّاخليّ. لذلك، دعونا نُخصصُ وقتًا لِنَنفَسَ هواءً نقيًّا وسطَ الحقولِ والغابات، ونُراقبَ شروقَ الشّمسِ وغروبَها، ونُدرِكَ أنّ الطبيعةَ ليستْ مُجَرّدَ مَشهدٍ جميل، بل هي مصدرُ إلهامٍ لا ينضبُ، ومَدرسةٌ تُعلّمنا دروسًا قِيَمَةً في الحياة. شاركوا معنا أجملَ ذكرياتكمَ معَ الطبيعة، وتعالوا نَستَمِعَ معًا إلى سرّها.
Photo by kylefromthenorth™️ on Unsplash
