كم مرة شعرتَ بمدٍّ من الحزن يغمركَ لمجرد مشاهدة شخصٍ يعاني؟ أو ربما وجدتَ نفسكَ تبتسمُ ابتسامةً عريضةً لفرحةِ شخصٍ غريبٍ؟ هذه المشاعر، هذه اللمسةُ من الفهم المشترك، هي جوهرُ التعاطف. هو ذلك الشعور العميقُ الذي يربطُنا ببعضنا البعض، يتجاوزُ الحواجزَ اللغويةَ والثقافيةَ، ليُظهرَ لنا جمالَ الروح الإنسانيةِ في أبهى صورها. في زحامِ الحياةِ اليومية، غالباً ما ننسى أهميةَ إظهارِ التعاطف، منشغلونَ بأمورنا الشخصية، وننسى أنَّ أبسطَ مظاهرِه قد تُحدثُ فرقاً كبيراً في حياةِ الآخرين، وحتى في حياتنا نحن. فالتعاطف ليسَ مجردَ عاطفةٍ، بل هو سلوكٌ، موقفٌ، قرارٌ يُؤثّرُ بشكلٍ إيجابيٍّ على كلّ من يُبديهُ ومن يتلقّاهُ.

كأنّها مرآةٌ تُعيدُ ضحكةً ضائعةً.

هذا القولُ البديعُ يُلخّصُ جوهرَ التعاطف بشكلٍ رائع. تخيلْ مرآةً تعكسُ ضحكةً ضائعةً، ضحكةً خفتَ أثرُها بفعلِ الحزنِ أو الألم. التعاطفُ هو تلك المرآةُ التي تعيدُ إشراقةَ تلك الضحكة، تُعيدُ الأملَ، تُذكّرُ الشخصَ بقوّتهِ الداخلية. قد تكونُ كلمةُ طمأنينةٍ، سماعٌ متفهمٌ لكلامه، مساعدةٌ بسيطةٌ، كلّها أمثلةٌ على هذه المرآةِ التي تُعيدُ ضحكةً ضائعةً. فكّرْ في شخصٍ عزيزٍ عليكَ يمرُّ بوقتٍ عصيب، كيفَ ستُعينهُ على تجاوزِ هذه المرحلة؟ هل ستُبدي له تعاطفكَ، أم ستُغفلُ عنه؟ تذكر دائماً أنَّ أحياناً، كلُّ ما يحتاجُهُ الشخصُ هو أن يشعرَ بأنَّهُ ليسَ وحيداً.

إنّ ممارسةَ التعاطفِ ليستِ مهمّةً سهلةً دائماً، فقد تتطلبُ منّا أن نتجاوزَ أحكامنا المسبقة، وأن نفهمَ وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ عن وجهاتِ نظرنا. لكنّ ثمرةَ هذه الممارسةِ تستحقُّ الجهدَ المبذولَ. فالتعاطفُ يعمّقُ علاقاتنا، يُحسّنُ من صحتنا النفسية، ويُسهمُ في بناءِ مجتمعٍ أكثرَ إنسانيةً وتراحماً. تعلّمْ أن تُمارسَ التعاطفَ، ليسَ فقط مع من تُحبّهم، بل مع كلّ من حولكَ، فأنتَ بذلك تُغيّرُ من نفسكَ ومن العالمِ من حولكَ.

باختصار، التعاطفُ قوةٌ عظيمةٌ، وهي مرآةٌ تعكسُ جمالَ الروحِ الإنسانيةِ. أدعوكم إلى أن تأخذوا وقتاً للتفكيرِ في تجاربكم الخاصةِ مع التعاطف، وكيفَ أثّرَ هذا الشعورُ فيكم وفي الآخرين. شاركوا تفكّراتكم معنا، فلنُلهم بعضنا بعضاً على ممارسةِ المزيدِ من التعاطفِ في حياتنا اليومية، ونبنيَ معاً عالماً أفضلَ وأكثرَ رحمةً.

Photo by Jon Tyson on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top