هل سبق وأن شعرتَ بتلك اللحظة الساحرة، تلك الذروة العاطفية التي تملأ قلبك بالفرح والرضا؟ لحظة من الإنجاز، أو من المودة، أو من الاسترخاء العميق بعد يوم طويل وشاق. نعيش حياتنا نطارد هذه اللحظات، هذه الومضات القصيرة من السعادة، كأنها نجوم ساطعة في سماء ليالينا. نبحث عنها في تفاصيل الحياة اليومية، في ضحكة طفل، في قهوة الصباح الدافئة، في نجاح مشروع صغير، في اتصال هاتفي مع شخص عزيز. لكن هذه اللحظات، بجمالها وسرعتها، تختفي أحيانًا بسرعة البرق، مغادرةً إحساسًا بالشوق والرغبة في تجديدها. هل فكّرنا يومًا كيف نحتفظ بهذه اللحظات السعيدة؟ كيف نحافظ على هذا الشعور الرائع الذي يملأنا بالطاقة والإيجابية؟ السعادة ليست مجرد هدف بعيد المنال، بل هي رحلة يومية نحتاج إلى تعلم فنّ ممارستها والاحتفاظ بها.
الفرح عصفورٌ يرقص على حافةِ النسيان، أمسكه.
هذا القول البليغ يختصر جوهر بحثنا عن السعادة. الفرح، كما العصفور الرقيق، خفيفٌ متقلب، يرقص على حافة النسيان، جاهزٌ للانطلاق والاختفاء في أي لحظة. لكن الجميل في هذا التشبيه هو دعوةٌ لإمساكه، للحفاظ عليه. كيف نمسك بهذا العصفور؟ بالتأمل، بالتقدير، بالوعي. عندما نشعر بالسعادة، علينا أن نعيها، أن نتوقف قليلاً لنستمتع بها، أن نُسجلها في ذاكرتنا كصورة جميلة، كأغنية هادئة. يمكننا كتابة مذكرات نُدوّن فيها لحظات فرحنا، مشاركة هذه اللحظات مع الآخرين، أو حتى التقاط صورة لتلك اللحظات التي نريد أن تبقى خالدة. لا تدع الفرح يطير بعيدًا، تذكر، هو عصفورٌ رقيقٌ، يحتاج إلى رعاية وحماية.
وبدلاً من السعي الدائم وراء السعادة الكبيرة، لنعش السعادة الصغيرة، اللحظات البسيطة التي تملأ حياتنا بالفرح والتفاؤل. ابتسامة من شخص غريب، كتاب جميل، نزهة في الطبيعة، كلها لحظات تستحق أن نمسك بها بيدينا قبل أن تطير بعيدًا. السعادة ليست هدفًا، بل هي نمط حياة يجب أن نبنيه بيدينا، لحظةً بِلحظة، عصفورًا بِعصفور.
لذلك، دعونا نتوقف اليوم قليلاً، ونفكر في لحظات سعادتنا الأخيرة. ماذا كانت؟ كيف شعرنا؟ ما الذي يمكننا فعله لمسك هذه اللحظات وإبقاء شعورها حيًا داخلنا؟ شاركونا أفكاركم وتجاربكم، لأن مشاركة السعادة تُضاعفها. تذكروا دائمًا أن السعادة رحلة، ليست وجهة، ولنعيشها بكل وعي وتقدير.
Photo by Leonardo Yip on Unsplash