كم من مرةٍ مررتَ بيومٍ عاديّ، مليءٌ بالتفاصيل الصغيرة، ولكنك لم تُلاحظ سوى السلبيات؟ كم من نعمةٍ نسينا شكرها، غافلين عن جمالِ الحياة البسيطة التي تحيط بنا؟ نحنُ غالباً ما نُركز على ما ينقصنا، على الأشياء التي نرغبُ بها، وننسى أن نُقدر ما لدينا، من صحةٍ وعائلةٍ وأصدقاءٍ، وحتى من لحظاتٍ بسيطةٍ من السعادة والراحة. فالشكر، أكثر من مجرد كلماتٍ نُرددها، هو موقفٌ، نهجٌ للحياة، يُغيّر من منظورنا للواقع، ويُضيفُ بريقاً خاصاً لأيامنا. هو فنٌّ يُتقنُ بالتدريب والممارسة، وفيه يكمن سرّ السعادة الحقيقية. هو المفتاحُ لفتح أبوابٍ جديدةٍ في قلوبنا وحياتنا. لنبدأ رحلةً معاً في عالم الشكر، رحلةٌ قد تبدو في البداية مُرهقة، ولكنها تُثمرُ في النهاية راحةً بالاً لا تُوصف.

***

**شكرٌ يزهرُ كالفاكهةِ الحامضةِ، حلوٌّ مُرٌّ، يُنعشُ الروحَ.**

***

هذا القولُ يُلخّصُ جوهرَ الشكر بشكلٍ بديع. فهو كفاكهةٍ حامضةٍ، قد لا نُحبّ طعمها في البداية، لكنّ خلفَ تلك الحُموضة يكمنُ طعمٌ حلوٌّ، مُنعشٌ، يُريحُ الروحَ. فالشكرُ ليس دائماً سهلاً، فقد نُواجهُ مواقفَ تُرغمنا على التغلب على مشاعرٍ سلبيةٍ قبل أن نصل إلى مرحلة الشكر الحقيقي. مثلاً، شكرُ اللهِ على موقفٍ صعبٍ مررنا به، يتطلبُ منّا التفكيرَ بإيجابيةٍ، وإيجادَ الجانبِ الإيجابيّ فيه، وهذا قد يبدو مُرّاً في البداية، لكنّ نتيجتهُ سعادةٌ ورضاٌ عن قضاء الله وقدره. أو حتى شكرُ شخصٍ أخطأَ في حقّنا، يتطلّبُ منّا التسامحَ والعفو، وهذا أيضاً ليس أمرًا سهلاً، لكنّه يُنعشُ الروحَ ويُخفّفُ من ثقلِ المشاعر السلبية.

الشكرُ ليس مُقتصراً على الأمورِ الكبيرة، بل يشملُ أدقّ التفاصيل، من شكرِ اللهِ على صحةِ الجسدِ، إلى شكرِ الآخرين على أصغرِ الأعمالِ. فممارسةُ الشكر يومياً، حتى على الأشياءِ البسيطة، كالقهوةِ الساخنةِ في صباحٍ بارد، أو ضحكةِ طفلٍ، تُغيّرُ من نظرتنا إلى الحياةِ وتُملؤها بالسعادةِ والامتنان.

***

في الختام، دعونا نتذكر أن الشكر رحلةٌ ليست هدفاً، رحلةٌ نستكشفُ خلالها جمالَ الحياةِ وبهاءَ النعمِ التي منحنا إياها الله. رحلةٌ تُطوّرُ من شخصياتنا وتُضيفُ لأرواحنا نعمةً لا تُقدرُ بثمن. أدعوكم إلى أن تُخصصوا بعضَ وقتكم ليومٍ للتأملِ في نعمِ اللهِ عليكُم، وكتابةِ ما تشعرون به من امتنانٍ وشكر. شاركوا معنا تجربتكم في تعليقاتكم، لِنُلهم بعضنا البعضَ في هذهِ الرحلةِ المُنعشة. فلنجعل من الشكرِ نهجاً لحياةٍ أكثر سعادةً وإيجابيةً.

Photo by Francois Olwage on Unsplash

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top