هل سبق لك أن جلستَ هادئًا، فجأةً تتدفق أفكارٌ غريبةٌ وجميلةٌ إلى ذهنك؟ أفكارٌ لا تُشبه ما اعتدتَ عليه، أفكارٌ تحملُ في طياتها بذورَ إبداعاتٍ جديدةٍ؟ نعم، هذا هو الإبداع في أبسط صوره، ليسَ عمليةً معقدةً تُمارسُ في مختبراتٍ خاصة، بل هو نبضٌ خفيٌّ ينبضُ في داخلنا جميعًا. من ابتكارِ وصفةٍ جديدةٍ لطبقٍ شهيّ، إلى تصميمِ قطعةٍ فنيةٍ فريدة، إلى حلّ مشكلةٍ عويصة بطريقةٍ مبتكرة، الإبداعُ يحيطُ بنا في كلّ جوانب حياتنا. هو ليس موهبةً خاصةً بفئةٍ معينة، بل هو قدرةٌ كامنةٌ في كلّ إنسانٍ، تنتظرُ فقط أن تُستَغلّ وتُنمّى. دعونا نستكشفُ سويًا هذا العالمَ الساحرَ من خلال رحلةٍ قصيرةٍ في أعماق خيالنا.
تُحلّقُ الخيالاتُ كَفراشاتٍ ملونةٍ فوقَ بركةٍ هادئةٍ.
يُشبه هذا البيتُ الشعريّ جمالَ الإبداعِ بدقةٍ. البركةُ الهادئةُ تمثّلُ ذهننا المنفتحَ، المُستعدّ لاستقبالِ الأفكارِ. أما الفراشاتُ الملونةُ، فهي تلك الخيالاتُ والأفكارُ المبتكرةُ التي ترفرفُ وتطيرُ بحريةٍ فوقَ هذه البركة. تُمثّلُ كلّ فراشةٍ فكرةً مختلفة، لونًا جديدًا، زاويةً مغايرةً للنّظرِ إلى الأشياء. ولكي تُصبح هذه الخيالاتُ إبداعاتٍ حقيقية، يجبُ أن نُمهّدَ لها السبيلَ، أن نُساعدها على الهبوطِ والاستقرارِ، وأن نعملَ على تحويلها إلى مشاريعَ ملموسة. هذا يتطلبُ الصبرَ، والممارسةَ، والاستعدادَ للتجربةِ وحتى الفشلِ أحيانًا، فالنجاحُ في الإبداعِ لا يأتي دونَ جهدٍ ومثابرةٍ. فكر مثلا في الرسام الذي ينظر إلى لوحة فارغة، فراشاتٌ ملونةٌ من الأفكار تتراقص في ذهنه، حتى يختار بعضها، ويبدأ في رسمها بتفاصيل دقيقة لتُصبح لوحةً رائعة.
باختصار، الإبداع ليس مجرد هبة، بل هو قدرةٌ قابلةٌ للتنمية. تُشجّعنا هذه المقولة على إطلاق العنان لخيالنا، السماحِ لأفكارنا بالتحليقِ بحريةٍ، والبحثِ عن الجمالِ والإبداعِ في كلّ ما يحيطُ بنا. دعونا نُدركَ قيمةَ البركةِ الهادئةِ في داخلنا، ونُعلّم أنفسنا كيف نُغذيها بالتجاربِ الجديدةِ، والتعلّمِ المستمرّ، والثقةِ بأنفسنا.
دعوتكم الآن إلى التّفكيرِ في ما هي “فراشاتُ الخيالِ” التي ترفرفُ فوقَ بركتكمِ الهادئةِ؟ شاركونا أفكاركم وخبراتكم في التعليقات، فلنُلهمَ بعضنا البعضَ ونُشجّعَ روحَ الإبداعِ في أنفسنا وفي الآخرين. فالإبداعُ ليسَ رفاهية، بل هو ضرورةٌ لحياةٍ أفضلٍ وأكثرَ إثراءً.
Photo by Giuseppe Mondì on Unsplash