كم مرةٍ بحثنا عن السعادة في أماكنٍ خاطئة؟ كم مرةٍ ظننا أنَّها مُخبأةٌ في ثراءٍ ضخمٍ، أو وظيفةٍ مرموقةٍ، أو علاقةٍ مثاليةٍ؟ نبحث عنها في الخارج، في المظاهر، في الأشياء المادية، نسعى للحصول عليها كأنها كنزٌ نادرٌ يصعب الوصول إليه. لكن السعادة، في الحقيقة، ليست شيئًا نَجده، بل هي شيءٌ نَخلقه، نبنيه، ننمّيه داخل أنفسنا. هي ليست وجهةً نصل إليها، بل رحلةٌ نَسير فيها، مليئةٌ بالتجارب، والخبرات، واللحظات الصغيرة التي تُشكل معًا نسيج حياتنا. هل فكّرنا يومًا أنَّ السعادة ربما تكون أقرب إلينا مما نتصور؟ ربما تكون في ضحكةٍ من قلبٍ صادقٍ، أو في لمسةٍ حانيةٍ من شخصٍ نحبه، أو حتى في هدوءٍ مسائيٍّ مع كوبٍ من الشاي الدافئ. دعونا نتوقف قليلاً لنفكر في ماهية السعادة الحقيقية و كيف نستطيع أن نجدها.
سعادةٌ كفراشةٍ، تهرب من المصيدة، وتلعب في ضوء الشمس.
هذا المثل الجميل يلخّص جوهر السعادة ببراعةٍ. فالسعادة كالفراشة الرقيقة، جميلةٌ وحرّةٌ، تهرب من أي شيءٍ يُقيّدها، كالمصائد التي نصنعها لأنفسنا بتوقعاتٍ غير واقعيةٍ، أو بالتشبثِ بأشياءٍ لا تُسعِدنا حقًا. إنها تفضل العبث واللعب في ضوء الشمس، أي في اللحظات البسيطة والجميلة، في النقاء والصفاء الذي يُشعرك بالراحة والسكون. فلتتخيلوا فراشةً مُحاصرةً في قفصٍ من القلق والطموح المفرط، كم ستكون حزينةً! أما تلك التي تطير بحريةٍ في ضوء الشمس، فستكون صورةً للسعادة ذاتها.
لتحقيق هذه السعادة “الفراشية”، علينا التخلّص من تلك “المصائد” التي نصنعها لأنفسنا: المقارنات مع الآخرين، السعي وراء الماديات على حساب الراحة النفسية، التعلق بأشياءٍ عابرةٍ، وإعطاء السلطة لآراءِ الآخرين لتحكم مشاعرنا. بدلاً من ذلك، دعونا نُركز على اللحظات الصغيرة، نعيشها بامتنانٍ، ونُقدّر الجمال في البسيط، ونُحيط أنفسنا بأشخاصٍ إيجابيينٍ يدعمون سيرتنا في رحلة السعادة هذه.
في الختام، السعادة ليست وجهةً نهائيةً، بل هي رحلةٌ مُستمرةٌ تتطلب منّا التفكير بعمقٍ في ما يجعلنا سعداء حقا. إنها تتطلب جهدًا من الوعي والإرادة، لكنها تستحقُ الجهد. تأمّلوا في ما قرأتم، واكتبوا ما يُسعِدُكم شخصيًا، واشاركوا تفكيركم مع أصدقائكم وعائلتكم. فالسعادة مُعدية، وكلما شاركناها مع الآخرين، زادت جمالها وتألقها في حياتنا.
Photo by Ali Kazal on Unsplash