هل سبق لك أن جلست في صمتٍ عميق، فجأةً، تفيضُ عليكَ أفكارٌ جديدةٌ كالسيل؟ أفكارٌ لم تكن لتخطر لكَ على بالٍ من قبل، أفكارٌ تحملُ في طياتها حلولًا لمشاكلٍ عانيتَ منها طويلًا، أو ربما مُشاريعٌ إبداعيةٌ تُضيءُ طريقكَ نحو آفاقٍ جديدة؟ نعم، هذا هو الإبداع، ليسَ مجردَ موهبةٍ فطريةٍ، بل هو قدرةٌ كامنةٌ فينا جميعًا، تنتظرُ اللحظةَ المناسبةَ لتُزهرَ وتُثمرَ. إنه ذلك الشعورُ بالتميز والإنجاز، القدرةُ على رؤيةِ الأمورِ من زواياَ مُختلفةٍ، وإيجادُ حلولٍ مبتكرةٍ للتحدياتِ التي تواجهُنا يوميًا، من أبسطِ الأمورِ إلى أَعظمِها. الإبداعُ ليسَ حكرًا على الفنانينِ والعلماءِ فقط، بل هو جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا، يُلونها ويُضفي عليها جمالًا خاصًا.

***

تُزهرُ الأفكارُ كالنجومِ في سماءٍ مُظلمةٍ.

***

هذا القولُ الجميلُ يُجسّدُ ببراعةٍ جوهرَ الإبداع. فكما تظهرُ النجومُ بوضوحٍ في سماءٍ مُظلمةٍ، كذلك تبرزُ الأفكارُ الإبداعيةُ في لحظاتِ الصمتِ والهدوء، بعيدًا عن ضجيجِ الحياةِ اليوميةِ. ففي تلكَ السماءِ المظلمةِ، في تلكَ اللحظاتِ من التأملِ والتفكيرِ العميق، تتبلورُ الأفكارُ وتتخذُ شكلها، تُنسجُ خيوطُ الإبداعِ لتُكوِّنَ لوحةً فريدةً. تخيل نفسكَ تُحاولُ حلّ مشكلةٍ مُعقدةٍ، فبعدَ ساعاتٍ طويلةٍ من الجهدِ والتركيزِ، تتوقفُ لتأخذَ قسطًا من الراحة، ففي تلكَ اللحظةِ من الاسترخاء، تُفاجئُكَ الإجابةُ كالنورِ الذي يَشعُّ في الظلام، كالنجمِ الذي يَلمعُ في السماءِ. تلكَ هي قوّةُ الإبداع، قوّةُ التفكيرِ خارجَ الصندوق، وقوّةُ إعطاءِ نفسكَ الوقتَ الكافيَ للتفكيرِ والتأملِ.

مثالٌ آخر، فكّر في مُخترعِ المصباح الكهربائي توماس إديسون، لم يصلْ إلى اختراعه إلا بعدَ مُحاولاتٍ عديدةٍ، وعبرَ تجاربٍ فاشلةٍ، في لحظةٍ من الاسترخاءِ والهدوءِ، خطرَتْ لهُ الفكرةُ. هذا يوضحُ أنّ الإبداعَ ليسَ أمرًا فوريًا، بل يحتاجُ إلى وقتٍ وجهدٍ ومُثابرة.

***

في النهاية، الإبداعُ ليسَ موهبةً مُنحصرةً في فئةٍ مُعينة، بل هو قدرةٌ كامنةٌ في كلّ منّا. تذكّر دائماً أنّ الأفكارَ الإبداعيةَ تُزهرُ كالنّجومِ في سماءٍ مُظلمةٍ، فخصصْ لنفسكَ وقتًا للتأملِ والتفكيرِ، ابحث عن الهدوءِ، وإفتحْ قلبكَ لعالمِ الإبداعِ اللانهائي. شاركنا أفكاركَ، أخبرنا كيفَ تُلهمُكَ لحظاتُ الصمتِ لتُزهرَ أفكاركَ. دعنا نُشعلَ معًا نجومَ الإبداعِ في سماءِ حياتنا.

Photo by Scott Webb on Unsplash