كم من مرة وجدنا أنفسنا أمام موقف مؤثر، يشعرنا بعمق معاناة الآخر؟ ربما رأينا شخصًا يعاني من ضائقة مالية، أو طفلًا يبكي بحرقة، أو صديقًا يصارع مرضًا ما. في تلك اللحظات، تتجاوز مشاعرنا حدود الذات، لتلامس معاناة الآخرين، وتشعرنا برغبةٍ ملحة في تقديم يد العون أو حتى مجرد الكلمة الطيبة. هذا الشعور العميق، هذه القدرة على فهم الآخرين ومشاركتهم مشاعرهم، هو جوهر التعاطف. إنه ليس مجرد إحساس عابر، بل هو سلوكٌ يُبنى عليه بناءٌ إنسانيٌّ متين، يُسهم في بناء علاقاتٍ صحيةٍ و مجتمعٍ متماسك. فالتعاطف ليس رفاهيةً، بل ضرورةٌ لحياتنا اليومية السعيدة والمنتجة. إنه الوقود الذي يُشغل محركات التعاون والتكاتف، ويُضيء دروبنا نحو عالمٍ أكثر إنسانيةً وتفهمًا.
—
تَخيّلُ نَملةٍ تَرقُصُ في عَينِكَ: هُوَ العَطفُ.
—
هذا التعبير البديع يُلخص جوهر العطف والتعاطف بشكلٍ رائع. تخيلوا حجم النملة الصغير، وحركتها الرقيقة! إنها صورةٌ تُجسّد هشاشة الآخر، وضعفه، وحاجته إلى العناية والرعاية. عندما نتخيل هذه النملة الصغيرة ترقص في عينينا، لا نراها كشيءٍ ضئيلٍ يمكن تجاهله، بل ككائنٍ حيٍّ يُثير فينا مشاعرٍ من اللطف والرقة، تُدفعنا إلى حمايته والاعتناء به. هذا بالضبط ما يفعله التعاطف بنا؛ إنه يُبرز هشاشة الآخرين، ويُذكّرنا بمسؤوليتنا تجاههم، ويُلهمنا التصرف بِرحمةٍ وشفقة. فالتعاطف ليس مجرد “الشعور” بمشاعر الآخر، بل هو “الاستجابة” لها بأفعالٍ تُظهر اهتمامنا وحبنا و رغبتنا في التخفيف عنهم. فكّر في تقديم يد المساعدة لجارك المسن، أو الاستماع باهتمامٍ لصديقٍ يواجه صعوبة، أو التطوع في جمعية خيرية. كل هذه الأفعال هي نتاجٌ لتعاطفنا مع الآخرين، وتُمثل ترجمةً عمليةً للقيمة الإنسانية العظيمة التي تمثلها هذه الكلمات.
—
ختامًا، إنّ التعاطف هو جوهر الإنسانية، رحلةٌ في أعماق قلوبنا، تُنمي فينا القيم النبيلة، وتُسهم في بناء علاقاتٍ إيجابيةٍ مع أنفسنا ومع الآخرين. دعونا نتوقف للحظة، لنُفكر في كيف نُمارس التعاطف في حياتنا اليومية، وكيف نُظهر اهتمامنا بالآخرين. شاركنا أفكارك، و انشر هذه الرسالة ليصل صداها إلى قلوبٍ أكثر، لنُبني معًا عالمًا أكثر تعاطفًا ورحمة. ففي التعاطف يكمن سر سعادتنا وسعادة مجتمعاتنا.
Photo by Aravind Pillai on Unsplash